يحيا “الهلال” مع “الصليب”

يحيا “الهلال” مع “الصليب”

"يا صهيوني يا خسيس.. دم المصري مش رخيص"، هكذا هتف المسلمون والمسيحيون في مصر بعد الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة الإسكندرية.
وعندما وقعت أحداث العنف في منطقة العمرانية بالقاهرة قبل فترة وجيزة على خلفية قيام الأقباط ببناء كنيسة دون تصريح حكومي، قال الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى المصري بكل صراحة أن الموساد الإسرائيلي يقف وراء إشعال هذه الأحداث، وعندما وقع الحادث الإرهابي الأخير أمام كنيسة القديسين بمدينة الإسكندرية، قال الرئيس حسني مبارك أن أيديا خارجية هي التي دبرت الحادث.
معنى هذا أن هناك قناعة تامة بأن جهات خارجية، سواء الموساد الإسرائيلي أو غيره، وما أدراك ما غيره، تسعى لإشعال الفتنة في مصر وإدخالها كغيرها من الدول العربية والإسلامية في دوامة الفوضى للقضاء عليها من الداخل. وهناك محاولات خارجية دؤوبة منذ سنوات لإشعال فتنة طائفية في مصر،وهناك من استمع لهذه المحاولات، خاصة من الأقباط المقيمين في الخارج،ولكن الشخصيات القبطية التي تعيش في داخل مصر معظمها شخصيات وطنية محترمة ترفض الإضرار بأمن مصر القومي مهما كانت الوعود والإغراءات.

الحادثة الإرهابية اللعينة التي وقعت بالإسكندرية تختلف اختلافا جذريا عما سبقها من أحداث. فهي حادثة إرهابية وليست طائفية، والفرق شاسع بين الاثنتين، فالحوادث الطائفية في مصر، وفي الصعيد بشكل خاص، تنحصر أسبابها إما في شجار عادي، أو صراع مصالح، أو حاثة شرف، أو زواج مسيحية بمسلم، وهي أمور يمكن أن تقع بين المسلم والمسلم وبين المسيحي والمسيحي، بل إنها تحدث بالفعل، ولكن عندما يكون طرفا الحادثة مسلما ومسيحيا تشتعل الأمور ويتم تصويرها من الزاوية الطائفية، رغم أنه لا علاقة لهذه الأحداث بالاحتقان الطائفي، ولا بالمطالب التي ينادي بها الأقباط في مصر، لأن هذه المطالب موجهة للحكومة المصرية، والحكومة هي التي تملك تلبيتها أو رفضها وليس المسلمين من أبناء الشعب.
حادثة كنيسة القديسين لا تشبهها إلا أحداث العام 1998 التي وقعت في الصعيد ضد السياح الأجانب من أجل تدمير السياحة في مصر وكانت بصمات الخارج واضحة عليها مثلما حدث هذه المرة.
عندما يهتف المصريون جميعا: "يا صهيوني يا خسيس.. دم المصري مش رخيص"، فهذا ا دليل على وجود مستوى معين من الوعي لدى مسلمي مصر ومسيحييها بأن هذا الحادث الحقير نفذته أيدٍ قذرة تكره مصر كلها وتريد لها التفتيت والزوال.
هناك إذن قناعة حكومية وشعبية بأن هناك أيديا خارجية تريد ضرب استقرار مصر، وهناك أيضا قناعة بأن مصر بمسلميها وأقباطها نسيج واحد وثقافة واحدة، وأن الأقباط ليسوا أقلية أو جماعة عرقية بالمفهوم العلمي للمصطلحين لكي يطالبوا بالانفصال وتكوين دولة، ولكن هل سيظل هذا كافيا للصمود أمام المحاولات الخبيثة الساعية إلى تدمير مصر كلها؟ وما الذي ستقوم به الحكومة المصرية، ووسائل الإعلام ورجال الدين والفكر والمدرسون للحفاظ على النسيج الوطني المصري، لكي يستطيع التصدي لمن يحاولون تمزيقه، ولكي تعود إليه روح العام 1919عندما ثار المسلمون والمسيحيون معا ضد الاحتلال وهتفوا جميعا: "يحيا الهلال مع الصليب".
حمى الله مصر العروبة من كل غادر خائن.