منتدى دبي وأوجاع الإعلام العربي

منتدى دبي وأوجاع الإعلام العربي

في الثاني عشر والثالث عشر من مايو الجاري يلتقي في دبي أكثر من 800 من خبراء الإعلام على مستوى العالم العربي وعلى مستوى العالم لمناقشة تحديات الإعلام في العصر الرقمي، وذلك تحت رعاية نادي دبي للصحافة الذي أسسه سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ليكون منبرا للإعلاميين العرب. وتعقد الدورة التاسعة لهذا المنتدى تحت شعار: “حراك الإعلام العربي… تعزيز المحتوى لتطوير الأداء”. سيشهد هذا المنتدى حضورا مكثفا وستتخلل جلساته ورش عمل ويتحدث فيه حوالي 70 شخصا ضمن هذا العدد الكبير من خبراء الإعلام.
وبلا شك سيكون هذا المنتدى فرصة كبيرة لمناقشة أوجاع الإعلام العربي، بخاصة على مستوى القنوات الفضائية. ومن أهم ما تتضمنه هذه الدورة تخصيص جلسة لمناقشة “آداب الحوار في البرامج التلفزيونية والفضاء الإعلامي الرياضي”، وستكون هذه الجلسة تحت عنوان “لا تقاطعني… لباقة الحوار وفضيلة الإنصات”. وهو عنوان يعبر بصدق عن أخطر عيوب البرامج الحوارية في الفضائيات العربية. ذلك لأن البرامج الحوارية على القنوات العربية ومن دون تحديد أسماء مليئة بالمقاطعة وبعدم اللباقة وبعدم الإنصات، ويعد من قبيل المبالغة وعدم الدقة أن يطلق عليها كلمة حوارية من الأساس. وهي أقرب إلى جلسات المقاهي والتجمعات البشرية التي لا تراعى فيها أي أصول للحوار.
ولو تتبعنا البرامج التي تتناول القضايا الخلافية والطائفية لوجدنا أنها عبارة عن وصلات من الردح المتبادل الذي يوغر صدور أتباع كل طرف من “المتحاورين”، ولا وظيفة لمدير الحوار طوال الوقت سوى صب الزيت على النار. هذه البرامج لا تحقق فائدة للمشاهد ولا تؤدي إلا إلى تعميق الخلاف بين الأطراف، بل وتحويله إلى نزاع. وعلى مسؤوليتي الشخصية أقول إن هذه النوعية من البرامج من أهم أدوات بذر الشقاق بين الدول العربية وبعضها بعضا، وبين أبناء كل دولة على حدة. هذا عن البرامج السياسية.
أما عن البرامج الرياضية فحدث ولا حرج، فلم يمض وقت طويل على الحريق الكبير الذي أشعلته فضائيات عربية معروفة بين الشعبين المصري والجزائري بسبب مباراة في كرة القدم، وما نتج عن ذلك فيما بعد من عنف وتخريب للمنشآت المصرية في الجزائر.
ومن أعجب ما شاهدنا على إحدى الفضائيات الرياضية قبل حوالي أسبوعين، برنامجا لم نر له مثيلا على مستوى العالم، حيث البرنامج عبارة عن جلسة مصالحة بين اثنين من مشاهير الرياضة في مصر، وكأن هذا البرنامج أو الفضائية التي أذاعته إحدى المقاهي في حي شعبي لكي يعقد عليها على الهواء مباشرة جلسة صلح بين متخاصمين. ولكن ما زاد في الطين بلة أن الصلح بين هذين الشخصين لم يتم، بل ازدادت حدة الخصام بينهما واستُخدمت خلال الحلقة ألفاظ لا يليق مطلقا أن تدخل بيوت الناس.
والخلاصة أن البرامج الرياضية على وجه الخصوص لا بد أن تنال قسطا كبيرا من الاهتمام لدى المؤتمرين في دبي، وذلك بعد أن وصلنا إلى حالة أطلق عليها الإعلامي المصري مفيد فوزي “تسييد كرة القدم”، أي جعل الكرة هي السيدة وهي محط اهتمام الناس وتغييب كثير من البرامج والقضايا الضرورية لشعوب تعيش في فقر وجهل وبطالة.