معهد الدراسات والبحوث… مرة أخرى

معهد الدراسات والبحوث… مرة أخرى

قرأت ما كتبه الدكتور أحمد يوسف أحمد مدير معهد الدراسات العربية التابع للمنظمة العربية للثقافة والعلوم،ردا على ما نشر مؤخرا بصحيفة بحرينية من تشويه لهذا المعهد العريق وأدى إلى إغضاب العشرات من أبناء البحرين الذين اختاروا الدراسة بهذا المعهد بمعرفة وزارة التربية والتعليم ووجدوا فيه متنفسا لتحقيق حلمهم في الحصول على دراسات عليا بعد حصولهم على درجتهم الجامعية الأولى من جامعة البحرين الحكومية أو غيرها من الجامعات الحكومية العربية.
هذا المعهد بالفعل متنفس لغير القادرين من أبناء البحرين ممن لا يستطيعون تحمل نفقات الدراسات العليا في جامعات أوروبا وأمريكا. فهو يقدم درجات علمية موثوق بها على مدى ما يقرب من ستين عاما، وفي نفس الوقت لا يكلف الدارس ما لا يطيق من مصروفات الدراسة كما تفعل الجامعات الخاصة التي ملأت أرجاء الوطن العربي.
والآن نريد من المسؤولين عن التعليم في البحرين- الذين سمحوا بالتحاق أجيال من أبناء البحرين بهذا المعهد- نريد منهم تفنيد ما جاء في رد مدير هذا المعهد وتوضيح الفرق أو الفروق بين هذا المعهد وبين الجامعات العربية الحكومية فيما يتعلق بشروط القبول ومدة الدراسة والمناهج وغيرها من المعايير التي يعرفونها أكثر بحكم تخصصهم.
رد الدكتور أحمد يوسف على ما نشر بالبحرين يبين أن هناك مؤامرة على هذا المعهد الذي تخرج منه المئات من حملة الماجستير والدكتوراه، ومنهم من شغل أو يشغل منصب وزير في أكثر من دولة عربية، ومنهم أساتذة جامعات في أكبر الجامعات العربية، ومنهم عميدو كليات.
السيد الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أحمد مدير المعهد هو من أشهر أساتذة العلوم السياسية في مصر والعالم العربي، وتخرج على يديه أساتذة ورجال سياسة ودبلوماسيين وشخصيات كثيرة لها وزنها في مجالات عديدة، ولذلك كان له الحق أن يشعر بالصدمة من الموقف الذي تم تبنيه تجاه هذا المعهد في مملكة البحرين،لأن هذا الموقف اعتمد من اللحظة الأولى على التشويه والتسرع في الحكم على الأمور، ولم يتم دراسة الأمر بالتأتي اللازم، خاصة وأن الأمر يتعلق بمستقبل الكثير من أبناء البحرين ممن لا يشفيهم ما أعلنته الوزارة من أنها ستقوم بمعادلة شهادات الذين التحقوا بالفعل بالمعهد، لأن الوزارة سمحت بتشويه سمعتهم عندما سربت أخبارا في غير موعدها عن طريق بعض الموظفين غير المنضبطين.
فسواء اعتمدت الشهادات أم لم تعتمد فالمسألة واحدة، فقد سمحت الوزارة بقتل هذه الشهادات عمليا، وكان الأولى بها أن تدرس الأمر بتأن وتتواصل مع إدارة المعهد لتبدي لها ما لديها من ملاحظات وتطلب التصحيح والمراجعة إذا كان هناك ما يستوجب التصحيح والمراجعة، ثم بعد ذلك تتخذ ما تراه من المواقف.
إذا كنا سنسمح بتشويه معهد عريق كمعهد الدراسات والبحوث فما الذي سنفعله تجاه الجامعات الخاصة التي نشرها رجال المال والأعمال في أركان الوطن العربي لتكون مجرد عمل تجاري يهدف إلى الربح كبقية تجاراتهم؟ إذا كان المعهد لا يقبل إلا الحاصلين على درجة جامعية أولى من جامعة حكومية عربية، بتقدير جيد على الأقل، فما المشكلة من وجهة نظر المسؤولين عن التعليم؟ وإذا كان المعهد لا يسمح للطالب بالتسجيل لدرجة الماجستير إلا في التخصص المطابق لتخصصه في الدرجة الجامعية الأولى التي حصل عليها من جامعة حكومية في بلده، فما وجه الخلل هنا؟ وإذا كانت ألمانيا، الدولة التي تسبق العرب في كل شيء، تعترف بدبلوم هذا المعهد كدرجة مساوية لدرجة الماجستير، وتسمح للحاصلين على الدرجة بالالتحاق مباشرة ببرنامج الدكتوراه، ألا يعد الموقف الذي تبنته وزارة التربية والتعليم الذي بدأ بالفضيحة والتشويه بدلا من الدراسة والتمحيص، موقفا متعجلا إلى حد بعيد؟ إنني شخصيا أشارك الدكتور أحمد يوسف الإحباط والعتاب الذي ورد فيما كتبه.