مركز الدراسات والبحوث… وداعًا

مركز الدراسات والبحوث… وداعًا

لا يجب أن ننظر إلى قرار تصفية مركز البحرين للدراسات والبحوث على أنه عدم اعتراف بدور المركز أو أهميته أو إنتاجه على مدى السنوات الماضية. ولا يجب أن ننظر لهذا القرار من زاوية واحدة وهي مصير العاملين الذين عملوا به خلال تلك السنوات، مع إيماننا بضرورة أن يلقوا كل رعاية وتقدير.
فمركز البحرين للدراسات والبحوث مادام عمل تحت رعاية سامية من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ومادام أنتج من البحوث والدراسات ما ساعد على تقدم البحرين ونهضتها في مجالات عديدة وكان ينبوعا دائما للباحثين والاعلاميين في النواحي السياسية والاقتصادية وغيرها، بفضل هذه الرعاية من سمو ولي العهد، وبفضل فريق الباحثين المجتهدين الذين عملوا به تحت قيادة الدكتور محمد بن جاسم الغتم، ذلك الرجل الوقور صاحب العطاء الطويل، والدكتور عبدالله الصادق، والدكتور محمد نعمان جلال، والدكتور راشد نجم والدكتور عبدالرحمن مصيقر وغيرهم كثير ممن أعطوا في صمت وحققوا الكثير خلال الأعوام الماضية.
ولذلك فإن القرار السامي الخاص بحل المركز، ليس بحال من الأحوال إنكارا لدوره أو لإمكانات العاملين به، فلطالما لقي الباحثون كل تقدير ورعاية من جلالة الملك؛ لأن البحث العلمي من أهم الركائز ومن أهم أسباب النجاح للمشروع الإصلاحي لجلالته.
ما حدث إذن، هو من وجهة نظري تطوير طبيعي للعملية البحثية في البحرين، وما مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي أمر جلالة الملك بإنشائه، تحت قيادة الدكتور الفاضل محمد عبدالغفار إلا تطور طبيعي لمركز البحرين للدراسات والبحوث، وهو تطور ضروري بالنسبة لما تخطط له البحرين خلال العشرين عاما القادمة، فالبحرين لابد أن تعتمد كل أسباب النجاح للرؤية 2030، ومن بين هذه الأسباب تطوير البحث العلمي، وتطوير العملية التعليمية برمتها بما يتفق مع معطيات ومتطلبات هذه الرؤية.
وعلى الرغم من أننا ندعو إلى عدم النظر لمسألة تصفية مركز البحوث من زاوية مصير العاملين فيه، إلا أننا في الوقت ذاته لابد أن نقدر ونتفهم مخاوف هؤلاء بعد السنوات التي قضوها بالمركز، فلهم كل الحق أن يقلقوا على مصدر رزقهم الذي ارتبطوا به، ولابد أن يقلقوا على مستقبلهم بعد أن تدربوا وأخذوا خبرتهم في تخصص بعينه وسيكون من الصعب عليهم أن يمارسوا عملا آخر. ولذلك لابد أن يؤخذ في الاعتبار عند تقرير مصيرهم، تخصصات هؤلاء العاملين وبخاصة الباحثين وأصحاب الخبرات.
الدكتور الغتم قام بطمأنة العاملين بالمركز خلال لقاء عقد لهذا الغرض بمقر المركز بالصخير بأنهم سيلقون معاملة عادلة وأنه لن يهضم حق أحد منهم، وهذا شيء طيب ونتمنى أن تُعلن خلال الأيام القادمة الأماكن الجديدة التي سينقل إليها هؤلاء الشباب حتى يطمئنوا على مستقبلهم. ونحن نتساءل في الوقت نفسه عن مدى إمكانية نقل هؤلاء العاملين أو قسم منهم للمركز الجديد، بما لا يتعارض بطبيعة الحال مع طبيعة الأنشطة والمجالات التي سيتمحور حولها عمل هذا المركز.
وفي كل الأحوال، نقدم من هنا كل التقدير والاحترام للدكتور الغتم على عطائه الطويل، والدكتور عبدالله الصادق، والدكتور محمد نعمان جلال الذي طالما قدم لي كل الرعاية والنصح والعون العلمي والبحثي.
مركز البحرين للدراسات والبحوث… وداعا.