مرة أخرى: خمر قديمة في زجاجات جديدة

مرة أخرى: خمر قديمة في زجاجات جديدة

ألغت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قبل أيام، عبارة  الحرب على الإرهاب  من استراتيجية الأمن القومي الجديدة، وأعلنت أن تنظيم  القاعدة  هو  عدو الولايات المتحدة ، وجاء في الوثيقة الجديدة للأمن القومي الأمريكي:  لكن هذه ليست حرباً عالمية على تكتيك هو الإرهاب أو ديانة هي الإسلام، فنحن في حرب مع شبكة بعينها هي (القاعدة)، ومع فروعها التي تدعم الأعمال الموجهة لمهاجمة الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا .
والحقيقة أنه لا جديد في السياسة الأمريكية تجاه الشرق وتجاه العالم الإسلامي، وكل ما يحدث هو مواصلة حملة العلاقات العامة التي بدأت مع مجيء الرئيس أوباما إلى الحكم وتقديم نفس الخمر الأمريكية القديمة في زجاجات جديدة.
فالسؤال هنا: من الذي سيحدد تعريف الإرهاب؟ طبعا الولايات المتحدة. وهل اتفقت الولايات المتحدة مع بقية العالم على تعريف محدد للإرهاب؟ الإجابة لا.
بل هناك سؤال اهم: هل يمكن أن تقوم الولايات المتحدة بتطبيق تعريفها الخاص للإرهاب على نفسها أو حتى على إسرائيل؟.
يقول المفكر الأمريكي المعروف ناعوم تشومسكي أن الولايات المتحدة تعرف الإرهاب على أنه الاستخدام المتعمد للعنف أو التهديد به لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية وذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو بث الرعب والخوف. فهل يتم تطبيق هذا التعريف على ما تقوم به الولايات المتحدة من أعمال؟ الإجابة لا؛ لأن الولايات المتحدة تتحدث فقط عن الإرهاب الذي يمارس ضدها، أما الأعمال التي تمارسها هي فيمكن إدراجها تحت بند التدخل الإنساني أو محاربة الإرهاب، حيث الأمر يسير مادامت وحدها تتولى التعريف.
الولايات المتحدة هي التي ستقوم بتحديد من هو تنظيم القاعدة، ومن هم أنصاره من الدول والجماعات. إذن، لا جديد في السياسة الأمريكية سوى تسمية السياسات الأمريكية بأسماء أكثر قبولا لدى الدول الإسلامية لإزالة حالة الشك التي تنتاب العالم الإسلامي تجاهها، على اعتبار أن هذه الدول الإسلامية، على المستوى الرسمي على الأقل، ترفض ممارسات تنظيم القاعدة.
الإدارة الأمريكية الحالية أرادت أن تخفف من اللهجة الخشنة المغرورة التي اتبعتها الإدارة السابقة وأزعجت العالم وهزت صورة الولايات المتحدة. إذن، الجديد هو التسميات والعناوين والمصطلحات خفيفة الظل التي بداها الرئيس أوباما في جامعة القاهرة يوم أن استخدم آيات القرآن لمخاطبة مشاعر المسلمين.
ولا تريد الولايات المتحدة حتى الآن أن تعترف أن الوسيلة الوحيدة للقضاء على الإرهاب – سواء اتفقنا على تعريفه أم لم نتفق- هي القضاء على أسباب هذا “الإرهاب”. وبالتالي مادامت الولايات المتحدة تدعم الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة سيظل العنف إلى ما لا نهاية.