مجلس تشريع أم مجلس إفتاء؟

مجلس تشريع أم مجلس إفتاء؟

الجدل الشديد الذي دار حول رغبة بعض النواب المنتمين للجماعات الدينية في منع تداول الخمور في البحرين يفجر أسئلة عديدة حول هذا الموضوع. لا نقصد فقط الأسئلة المتعلقة بالنواحي الاقتصادية والتأثير على الاستثمار والسياحة وعلى كون البحرين دولة “كوزموبوليتان” يعيش على أرضها كل جنسيات العالم وعرف عنها احترام الثقافات والأديان، والصورة التي يتوقع بناؤها لمملكة البحرين في الغرب في ظل التغييرات التي تسعى الأغلبية المتشددة في مجلس النواب البحريني إلى إجرائها على قوانينها.
ولكن الأسئلة التي نثيرها هنا هي أسئلة إضافية نشارك بها في حالة النقاش والجدل الدائرة في مملكتنا بين مؤيد ومعارض لمسألة حظر الخمور. ويحق لنا نحن أيضا أن نسأل ونتساءل، ونرتضي لأنفسنا مهمة السؤال فقط وليس مهمة الفتوى التي أصابت نوابنا، خوفا من ثورة النواب الذين أصبحوا متخصصين في كل شيء، فهم خطباء مساجد ومفتيون وكتاب صحافيون وربما تكون لهم مهن أخرى لا نعرفها.
 أنا أسأل وعليهم الإجابة: فهل هناك حاجة بعد أن نزل القرآن وبين للناس ما هو حلال وما هو حرام أن يقوم مجلس النواب البحريني بتحريم الخمر مرة أخرى؟ أليس شرب الخمر مسلك قديم؟ أم إنه شيء جديد جاء مع مجيء الانترنت؟ وهل منع تداول الخمر بتشريع جديد أو قانون سيمنع الناس من معاقرتها ويحول جميع الناس إلى متدينين؟ أم يجعلها كالحشيش والهرويين والكوكايين وغيرها من وسائل الإدمان التي ستجد عصابات تقوم بتهريبها وتجد من يبذل الجهد والمال للحصول عليها، بل وتخزينها ما أمكن لبيعها بأغلى الأسعار؟
أليس من الأجدر بمشايخ الدين الذين تركوا المنابر وذهبوا إلى البرلمان أن ينفقوا وقتهم وجهدهم في دعوة الناس إلى الابتعاد عن شرب الخمر بدلا من إنفاق وقتهم في جدل طويل تحت قبة البرلمان حول ابتكار القوانين والوسائل العقابية لمن يتعاطاها أو يتداولها؟ وهل امتنع الناس عن شرب الخمر وقت نزول القرآن لأنهم خافوا من القوانين والعقاب أم لأنهم اقتنعوا بأضرار الخمر، وبعد أن أقنعهم القرآن بالتدريج بأن يبتعدوا عنها؟
ونواصل الأسئلة فنقول: هل يمكن أن يقوم البرلمان الهندي بسن قانون يمنع تناول اللحوم في الهند، خصوصا وأن غالبية سكان الهند يدينون بالهندوسية ولحوم البقر محرمة في دينهم؟ قد يقول قائل إن الهندوسية ليست من الأديان السماوية وإن المسألة مختلفة، ولكن أليس الهنود هم أصحاب الأرض والوطن في الهند وأنهم يرون أن دينهم هو الحق؟
وأختم أسئلتي بإعلان الاحترام لكل المشايخ النواب والصحافيين وأصحاب الأعمال ممن لا يعجبهم كلامي ويحجرون على رأيي، وأدعو الله أن يقرب موعد الانتخابات الجديدة لكي تنخفض درجة الحرارة في مجلس الشيوخ، أقصد مجلس النواب البحريني.