لابد من تخفيض الدعم… ولكن…

لابد من تخفيض الدعم… ولكن…

مسألة رفع الدعم أو تخفيضه وفرض الضرائب تستحق هذه الضجة التي أثيرت بشأنها خلال الأيام الماضية، سواء على المستوى الإعلامي أو الشعبي، لأن هذه المسألة تهم قطاعا عريضا من أبناء الشعب البحريني.
ولابد أن الحكومة استشعرت حجم القلق الذي ساور الناس نتيجة لما أعلنته في هذا الشأن، خاصة وأن الأسعار على مستوى العالم تواصل ارتفاعها بشكل مجنون، في ظل عدم وجود تحسن كبير في الدخل.
لا ينكر أحد أن المبلغ المخصص للدعم في ميزانية مملكة البحرين، هو مبلغ كبير نسبيا، وأنه يمكن تخصيص مبلغ أقل منه بكثير لهذا الغرض مع جعل أوضاع الفقراء أفضل مما هي عليه الآن، ولكن هذا سيتطلب من الحكومة التعمق في دراسة أحوال الناس قبل أن تشرع في هذا التخفيض، ولابد أن تقوم بوضع الآليات التي تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه فقط، ولو تطلب الأمر عمل بطاقات حكومية توزع على الناس حسب فئاتهم للحصول على السلع والخدمات.
قبل سنوات قليلة بدأت وزارة الصحة في تحصيل رسوم إضافية من الوافدين مقابل علاجهم بالمستشفيات والمراكز الطبية الحكومية، وكانت هذه خطوة جيدة، فلماذا لا يتم تطبيق هذا الأمر على مستوى المواطنين البحرينيين، بمعنى أن تقدم الخدمة الطبية للقادرين بسعر مختلف عن غير القادرين.
ولماذا لا يطبق نفس الشيء بالنسبة للمحروقات، حتى يتسنى للحكومة الاستفادة من هذا الفرق لصالح الفقراء، لأن المشكلة ليست فقط في ضخامة الدعم الذي تتكبده الميزانية ولكن المشكلة هي في سوء استخدام هذا الدعم، فلو أحسن استخدام الدعم لتحسنت أحوال من يستحقوه على نحو كبير.
وإذا كانت الحكومة تخصص دعما سنويا للمحروقات قدره 130 مليون دينار، كما قرأنا، فهذا مبلغ كبيرجدا، ولا يجوز تحت أي ظرف أن يستفيد الغني والفقير من هذا المبلغ، ولا يجوز أن يعبئ المواطن الذي يتقاضى ثلاثة آلاف دينار سيارته بالوقود بنفس الثمن الذي يدفعه المواطن الذي يتقاضى 200 دينار.
تصريحات وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة حول الموضوع مطمئنة حيث قال ان الشرائح التي تجرى بشأنها الدراسات الخاصة بخفض الدعم تشمل القطاعات المقتدرة والشركات والوافدين وانها لن تشمل بأي شكل أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط. ونحن نتمسك بهذه التصريحات إلى أقصى درجة، ونتمنى أن تطبق على أرض الواقع بدرجة مئة بالمئة،حتى لا تضار أي فئة، خاصة أصحاب الدخل المتوسط حسبما تفضل الوزير.
فمن المؤكد أن أكثر الفئات قلقا في هذا الأمر هي الطبقة المتوسطة، التي يتساءل أفرادها مع من ستذهب هذه الطبقة، وهل ستساوي الحكومة بينها وبين الطبقة الفقيرة من حيث الاستفادة من الدعم، أم أنها ستساوي بينها وبين الأقلية الغنية من حيث عدم الأحقية في الحصول على الدعم؟ وهو تساؤل مشروع وغاية في الأهمية.
فلو قامت الحكومة بحرمان الطبقة المتوسطة من الدعم بشكل مطلق، فمعنى ذلك أنها تدفعها نحو الذوبان لتنضم هي الأخرى إلى خريطة الفقر، وهذا شيء غير طيب على الإطلاق. فلا بد أن يكون هناك تسلسل في مسألة الاستفادة وفي مسألة الحرمان!