كي لا تختلط الأمور…

كي لا تختلط الأمور…

ما يدور من نقاش ساخن هذه الأيام حول سلوك أعضاء جمعية الوفاق السياسية خلال ندوة الدعاية الانتخابية التي أقامتها الجمعية في صالة شركة طيران الخليج، يحتم علينا أن نذكّر ببعض الحقائق المهمة التي قد تغيب عن البعض في ظل الانحياز المطلق لهذا الطرف أو ذاك.
فشركة طيران الخليج شأنها شأن جميع شركات الطيران وشركات الأعمال في العالم تقوم بتقديم خدمة معينة من أجل الحصول على المال، وهي بكل تأكيد تبذل كغيرها من الشركات من الجهد والدعاية ما يحقق لها النجاح ويساعدها على الصمود في عالم المنافسة الشرسة الذي نعيش فيه. وهي تسعى بكل السبل لاجتذاب العملاء بعيدا عن أي انحياز لفئة.
هي، إذن، شركة تجارية وليست مؤسسة اجتماعية أو سياسية أو خيرية ولا شأن لها بالسياسة وأهلها، لأن السياسة يمكن أن تضر بسمعتها وتجلب عليها الخسارة المادية.
أما جمعية الوفاق فهي جمعية سياسية ارتضت لنفسها أن تشارك في العملية السياسية في مملكة البحرين وفق قواعد هذه العملية المقررة، في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والمقننة من خلال دستور ولوائح وقوانين ارتضاها المجتمع البحريني بشكل عام، ووافقت عليها جمعية الوفاق تحديدا يوم أن أنهت قطيعتها للعمل السياسي الشرعي المعلن في مملكة البحرين، وأصبحت الوفاق وغيرها ملتزمة بشروط اللعبة السياسية وما تحتمه من حقوق وواجبات. فالدعاية الانتخابية لها شروطها ومبادئها، والحرية في التعبير لا تعني الإساءة للآخرين أفرادا كانوا أو جماعات…
إذا اتفقنا على ما سبق يمكن أن نقيم ما حدث في صالة نادي طيران الخليج بعيدا عن تصفية الحسابات، وبعيدا عن الانتماءات الضيقة والدعاية الانتخابية المنفلتة.
فلم يكن ينبغي أبدا أن تقوم طيران الخليج بتأجير صالة ناديها لاستخدامها في أي عمل سياسي أو دعاية أو في سب فئة أو شخص في المجتمع البحريني، فهي شركة للبحرين كلها، ومهما كان العائد المادي الذي ستحصل عليه، فلا يجب أن توقع نفسها في فخ الصراعات السياسية التي لا تفيدها.
والخلاصة، أن المسؤولية فيما حدث مسؤولية مشتركة، وطيران الخليج تتحمل مسؤولية كبيرة فيه، لأنها وضعت نفسها في مستنقع الدعاية الانتخابية وما يكتنفها من مزايدات وإساءات وأكاذيب. وحسن النية هنا لا يعفي المسؤولين فيها لأن طيران الخليج صرح كبير له سمعته وتاريخه وليست برادة من برادات الأحياء الشعبية.
أما الوفاق فهي تتحمل مسؤولية عدم الالتزام بقواعد اللعبة السياسية وعدم احترام قيم المجتمع التي تنتمي إليه، بتجاوزها للثوابت الوطنية وتطاولها على رموز البلاد. لذلك كان على الوفاق وأتباع الوفاق وطيران الخليج أن يعترفوا بالخطأ وأن تكون لديهم شجاعة الاعتذار لمن أسيء إليهم بلا مكابرة أو تبرير.
فقد برر أحد المدافعين بشراسة عن الوفاق المسألة قائلا: إن الانتقادات التي وجهت للوفاق تسعى إلى تأصيل عرف سياسي يخالف الدستور والقانون والشرائع، ناسيا أنه لا يوجد دستور يسمح باستخدام شركة تجارية عامة لخدمة أغراض سياسية لفصيل أو آخر. إذا كانت مقرات الجمعيات السياسية البحرينية هي مجرد جحور حسب وصف صاحبنا، فالشركات الوطنية ذات الطابع التجاري ليست بالساحة المناسبة لتصفية الحسابات والسب العلني للشرفاء ونشر الفتنة.