قمة مجلس التعاون والتحدي الأمني

قمة مجلس التعاون والتحدي الأمني

من أكبر التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي خلال المرحلة القادمة التحدي الأمني، فلا يمكن إنجاز خطط التنمية التي يسعى إليها أهل الخليج إلا بتحقيق الاستقرار والقضاء على الإرهاب.
وأعتقد أن الأمن سيكون من البنود الأساسية التي ستناقشها قمة مجلس التعاون الحادية والثلاثين في أبوظبي،خاصة في ظل بعض الأحداث الأمنية والإرهابية التي وقعت في أكثر من دولة خليجية خلال المرحلة الماضية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية الشقيقة والبحرين. ولا بد من الاتفاق على استراتيجية أمنية تكفل لدول الخليج تحقيق الأمن بكل مفاهيمه.
هذه الاستراتيجية الأمنية لا يجب أن تتعلق فقط بالمفهوم الجغرافي المحدود لدول مجلس التعاون الست، ولكن لا بد أن تأخذ في الحسبان أن الأمن القومي لدول مجلس التعاون مرتبط إلى حد كبير بأمن اليمن وبالعراق.
فعلى الرغم من أن اليمن ليست من دول مجلس التعاون الست، إلا أن ما وقع في اليمن خلال الفترة الماضية لا بد أن يشغل القادة الخليجيين، ولا بد من التعامل مع الأخطار التي تحدق باليمن على أنها أخطار تحدق بالمنطقة برمتها.
ولا يخفى على أحد كيف تم تحويل التمرد الحوثي في اليمن، خلال العام الحالي، إلى أداة خبيثة للعبث بأمن أكبر دولة خليجية، وهي المملكة العربية السعودية ذات أكبر اقتصاد عربي، التي إن اهتز الأمن فيها سيتبعه حتما زلزال أمني في المنطقة برمتها.
صحيح أن المملكة العربية السعودية تعاملت مع هذا الخطر بأعلى درجات اليقظة وبأعلى درجات الحسم، إلا أنه سيظل بؤرة خطر يجب أن نحسب لها ألف حساب.
ولم تكد المملكة العربية السعودية تنتهي من ضربتها القاصمة لمن حاولوا العبث بأمنها، حتى انفتحت بؤرة خطر جديدة في اليمن أيضا، ألا وهي تنظيم القاعدة، الذي عبر عن نفسه من جديد هناك، من خلال عدد من الأحداث الإرهابية، كان آخرها عملية الطرود المفخخة التي أثارت ضجة عالمية كبيرة وأصابتنا جميعا بالفزع وأصبحنا نشعر بأن اليمن بات قريبا من خطر داهم، حيث وجود إرهاب سني متمثل في “القاعدة” وإرهاب شيعي متمثل في الحوثيين، في دولة واحدة، مسألة يصعب التعامل معها من قبل الدولة اليمنية نظرا لظروف اليمن الجغرافية والقبلية والاقتصادية.
إن وجود دولة فاشلة لا قدر الله على حدود المملكة العربية السعودية يشكل خطرا داهما على المنظومة الخليجية برمتها، لأن التردي الأمني الذي يمكن أن يحدث سيهدد كل الخطط التنموية التي وضعت من قبل الدول ويوقف طموحات شعوبها إلى حين.
والشيء الأخطر في المسألة اليمنية هو التدخل الأجنبي، لأن تكلفة هذا التدخل ستكون كبيرة علينا جميعا وسينتج عنه فاتورة جديدة على الشعوب الخليجية أن تتحملها مثلما تحملت فواتير الصراعات السابقة، وكل هذا بطبيعة الحال ضد طموحات هذه الشعوب الساعية إلى تأمين مستقبل الأجيال القادمة.
ما نتمناه على القادة الخليجيين خلال هذه القمة، التي نتصور أنها ستكون مزدحمة بالموضوعات المهمة، أن يعطوا أهمية كبرى لتحدي تحقيق الأمن بمفهومه الشامل خلال المرحلة القادمة، وأن يتم وضع استراتيجية شاملة للتعامل مع بؤر الخطر التي تحيط بنا.