قطر والصيادون البحرينيون

قطر والصيادون البحرينيون

دخول الصيادين إلى المياه الإقليمية للدول الأخرى أمر متكرر، ويحدث كثيرا،أحيانا بالخطأ وبعدم إدراك الصيادين لعلامات الحدود، وأحيانا أخرى عن عمد. وتتفاوت ردود فعل الدول التي تنتهك حدودها تجاه هؤلاء الصيادين ودولهم حسب مستوى دفء العلاقات بين الدولتين، فقد يتم اعتقالهم مثلا على سبيل إثبات الواقعة أمام سلطات بلادهم من أجل الحصول على وعد بعدم تكرار هذا الأمر مستقبلا، ثم يتم إطلاق سراحهم دون عناء دبلوماسي يذكر. وهذا هو أقصى ما يجب القيام به بين الدول العربية وبعضها البعض بشكل عام وبين دول مجلس التعاون بشكل خاص.
وقد قرأنا مرات عديدة خلال الأيام الماضية عن دخول صيادين مصريين للمياه الإقليمية الليبية، ثم للمياه الإقليمية التونسية، وأخيرا للمياه الإقليمية السعودية. وفي كل مرة جرى اعتقال هؤلاء الصيادين من قبل السلطات، ولكن عولجت القضية بالشكل الدبلوماسي الصحيح الهادئ بعيدا عن التسخين الإعلامي، ولم تمارس أي حملات إعلامية بين مصر وغيرها من الدول العربية. فمصر تعلم أن صياديها مخطئون بدخولهم المياه الإقليمية لدولة أخرى. كما أن الدول العربية الأخرى مارست حقها الطبيعي والمشروع وتصرفت داخل حدودها في إطار هذا الحق.
أقول هذا بمناسبة الضجة الكبيرة التي نتجت عن قيام قوات خفر السواحل القطرية بإطلاق الرصاص على صيادين بحرينيين دخلوا المياه الإقليمية القطرية، ورد الفعل الرسمي والإعلامي في البحرين لهذه الحادثة، وكذلك رد الفعل القطري الرسمي تجاه ما حدث.
وليس انحيازا أو شوفينية أن نقول إن السلطات البحرينية قد تصرفت بدرجة عالية من التعقل والهدوء المفترض بين الأشقاء ولم تعط القضية أكبر من حجمها.
وليس انحيازا أيضا أن نقول إن تصرف الأشقاء في قطر كان مفاجئا لنا ولكل شعب البحرين الذي يحترم جميع الأشقاء العرب. السلطات القطرية أخطأت دون شك في مبادرتها بإطلاق النار على الصيادين البحرينيين لأن هناك وسائل أخرى ممكنة للتعامل معهم، كأن تقوم مثلا بمطالبتهم بالخروج من المياه القطرية، أو حتى اعتقالهم إن هم رفضوا الانصياع، ولكن إطلاق النار ليس هو الحل تحت أي ظروف. فهذه حادثة بسيطة وقابلة للحدوث في أي وقت.
وكانت هناك فرصة للإخوة القطريين لترطيب الأجواء عندما وصل الوفد الطبي البحريني الذي تفضل بإرساله عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الدوحة لمتابعة حالة الصياد الذي أطلق عليه الرصاص وإعادته للبحرين، ولكن لا ندري بالضبط لماذا رفضت السلطات القطرية السماح للوفد البحريني بمقابلة المريض والتعامل معه بطريقة خشنة اضطرته إلى العودة إلى البحرين، دون المصاب.
وعلى الرغم من غرابة سلوك أشقائنا في قطر، فيجب على الإعلام البحريني ألا يفرط في التعبير عن استيائه من هذه الحادثة لأنه من المفترض أن تكون علاقات دول مجلس التعاون أمتن من أن تؤثر فيها حادثة كهذه، وعلينا أن نترك المسألة برمتها للدبلوماسية البحرينية حتى لا تتعكر الأجواء فيما بيننا. وعلى الصيادين البحرينيين أن يتحروا الدقة وأن يراعوا علامات الحدود حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث في المستقبل.