قرارات التعليم العالي

قرارات التعليم العالي

طلبة الجامعات الخاصة لهم كل الحق في الاحتجاج على قرارات مجلس التعليم العالي التي أوقفت الفصل الدراسي الصيفي في عدد من البرامج الأكاديمية في جامعات اعتبرها التعليم العالي مخالفة. فهؤلاء الطلاب لا ذنب لهم في عدم وفاء هذه الجامعات بالمعايير الأكاديمية الضرورية المقررة من قبل التعليم العالي. فلماذا يتم وقف مسيرتهم العلمية والعبث بمستقبلهم الذي خططوا له على أساس معين وأنفقوا من أجله المال والجهد ولم يلتحقوا بهذه الجامعات من وراء ظهر الحكومة.
والجامعات ليست كبقية مشروعات الربح الأخرى يمكن إغلاقها في أي وقت إذا ارتكب أصحابها مخالفات، حيث ضرر إغلاق المشروعات الربحية العادية يقع بالدرجة الأولى على أصحابها، وليس على جمهور المستفيدين منها.
إذا كانت هذه الجامعات غير مستوفية للمعايير العلمية منذ البداية، فالتعليم العالي هو المسؤول لأنه سمح لها بالعمل دون هذه المعايير، وإذا كان انتهاك المعايير قد وقع بعد أن التحق بها الطلاب وقطعوا شوطا في دراستهم، فليس الحل هو القرارات الحالية للتعليم العالي لأن فيها ظلما مزدوجا يقع على هؤلاء الطلاب وأسرهم، حيث الضرر الواقع عليهم نتيجة وقف الدراسة وتشويه سمعتهم العلمية والعبث بمستقبلهم دون ذنب ارتكبوه.
نحن لا نطالب التعليم العالي بإهمال المعايير العلمية الضرورية التي فيها مصلحة الطلاب أنفسهم وفيها مصلحة الوطن. وقد كنت أول من أيد ضرورة إصلاح التعليم ووجهت في عمودي هذا الشكر للقائمين على التعليم العالي لجهودهم بالنهوض بالتعليم في البحرين. ولكني أطالب في الوقت ذاته بألا يكون الطلاب الذين قطعوا شوطا في دراستهم هم الضحايا الوحيدين لسياسة الإصلاح التي يتبعها التعليم العالي. فهؤلاء الطلاب لم يقوموا بوضع المناهج واستقدام الأساتذة ووضع أسس التقييم لهذه الجامعات.
وربما لهذا السبب كانت اللفتة الكريمة  لرئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان التي رفعت الظلم عن مجموعة من الطلاب الذين سقطوا ضحايا لسياسات الإصلاح المتبعة.
لابد إذن من وضع ضوابط لإصلاح الجامعات لا يكون من شأنها تشريد الطلاب وهم في منتصف الطريق والإساءة إليهم. ونحن نطالب أن تكون هذه الضوابط صارمة إلى الدرجة التي تجعل أي صاحب جامعة على غير استعداد للمخاطرة بخرق أي معايير يضعها التعليم العالي، خاصة بعد أن يكون الطلاب قد التحقوا فعليا بهذه الجامعة أو تلك وقطعوا شوطا في دراستهم. والتعليم العالي – ومعه المجالس التشريعية – ليس في حاجة لأن نصوغ له الضوابط والقوانين اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
أما العقوبات بالشكل الحالي المتمثلة في إغلاق الجامعات أو إغلاق بعض برامجها، فهي من وجهة نظري عقوبات على الطلاب وليس على الجامعات. فأصحاب الجامعات خسارتهم مادية فقط، ويمكن أن تكون بسيطة بعد أن قاموا بالفعل بجمع المال الكثير من جيوب الطلاب خلال مرحلة مضت، ويمكن لهم أن يغيروا نشاطهم الذي يهدف إلى الكسب فقط إلى مجال آخر وتطويع المباني والمنشآت الموجودة لنشاطهم الجديد، ولا عزاء للطلاب وأسرهم.