عفوا أيها السادة… أنتم لا تعرفون شيئًا عن البحرين

عفوا أيها السادة… أنتم لا تعرفون شيئًا عن البحرين

لو أجرينا تحليلاً مضمونًا لما أطلق عليه بيان الـ 26 جمعية حقوق إنسان حول البحرين لأدركنا أن هذه الجمعيات التي تسمي نفسها بجمعيات حقوق الإنسان قد وصلت إلى حد من التهويل والتشوش يقضي على أي مصداقية لها في المستقبل. هذا البيان استخدم مفردات وتراكيب تجعل من يقيم خارج البحرين أو من لا يعرف شيئًا عن الشأن البحريني يشعر بأن البحرين تشهد محاكم تفتيش وسحلا يوميا للمعارضين والناشطين السياسيين. ويبدو أن هذه المنظمات اعتمدت ما أرسل إليها من مصادر غير وطنية وغير شريفة دون أي تدقيق، فكيف في هذه العجالة اتفقت هذه الجمعيات، غير المعروفة، على هذا البيان المهلهل الذي يعكس جهلا تاما بالشأن البحريني؟ هذه الجمعيات تم تلقينها بشكل غير أمين لكي تصدر كلمات منمقة تصلح لوصف أي مكان آخر في العالم ولكنها لا تصف الوضع البحريني تحت أي ظروف. لماذا هذه الضجة وهذا التهويل؟ هل التعامل مع من يقوم بالتحريض على الأمن والنظام ويدعو إلى الخروج على القانون له أسلوب آخر في بقية العالم غير ذلك الأسلوب الذي تتبعه البحرين؟ من أصدروا هذا البيان لا يعلمون أن البحرين مليئة بالمعارضين وبالناشطين السياسيين الذين يمارسون السياسة بأشكالها وأدواتها المختلفة، بالكتابة في الصحف والحديث في المحافل المختلفة وممارسة الدعاية الانتخابية بكل أدواتها، ولذلك اعتقدوا أن السياسي الوحيد في البحرين هو ذلك المحرض الساعي إلى خلق الفتنة وإشعال حرب أهلية في البلاد. لماذا لم تعتقل السلطات البحرينية عشرات السياسيين الآخرين ممن يمارسون النقد المشروع؟ لماذا ذلك الخارج على القانون ومن معه هم الذين جرى اعتقالهم دون سواهم؟ هذا البيان المزعوم بكل أسف أزال تماما الفرق بين العمل السياسي المشروع وبين التمرد على الأمن والنظام والسعي إلى حرق البلاد بكاملها. وكان على هذه الجمعيات التي تم تضليلها أن تدرك أن ثمة فرقا شاسعا بين التحريض الطائفي الذي يمكن أن يأتي على الأخضر واليابس، وبين العمل السياسي بمعايير العالم كله.  هؤلاء الأشخاص الذين تحدث عنهم البيان مسؤولون عن كل أعمال العنف التي وقعت في البحرين السنوات الماضية، فكيف يصف البيان المزعوم ما يقوم به هؤلاء المارقون بأنه عمل سلمي وحق من حقوق الإنسان. ربما لا يعرف هؤلاء أن تلك الحركة التي سماها أصحابها بحركة “حق” هي حركة تتبع العنف منهجا لها منذ البداية وأنها انشقت عن حركة أخرى حتى يتم توزيع الأدوار والحضور على كافة المستويات. من قال أيها السادة إن العنف والحرق والدعوة إليهما حق من حقوق الإنسان لكي تعلنوا هذه الضجة وتستخدموا الألفاظ في غير محلها. التهويل واستخدام الألفاظ في غير موضعها هما العنوان الصحيح لذلك البيان الذي يجعل القارئ غير العارف بشؤون مملكتنا يعتقد أنه يجري إعدام المعارضين على الخوازيق وفي أحواض حمض الكبريتيك المركّز. والشيء المضحك في هذا البيان العجيب أنه يحذر من التعامل الأمني مع هؤلاء الخارجين معتبرا أن ذلك “يزيد من مخاطر الاحتراب الأهلي على أسس مذهبية وطائفية”. فهذه الجملة أكبر دليل على أن من ورطوا أنفسهم في إصدار هذا البيان لا يعرفون شيئا عن البحرين ولا يعرفون عن حركة “حق” إلا اسمها فقط.