شكرًا على هذه المجاملة يا سيادة الرئيس

شكرًا على هذه المجاملة يا سيادة الرئيس

لا يزال الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث عن الإسلام باحترام ويقدم وصلات بلاغية تشبه تلك الوصلات التي أطلقها في جامعة القاهرة عند توليه الحكم، التي صاغها له خبراء عظام في اللغة والتأثير ومتطلبات سوق عكاظ، انطلاقا من مبدأ «امدح العربي وخذ عباته». لا يزال أوباما يتحدث عن سماحة الإسلام وعدالته وعن كونه دوما جزءا من الولايات المتحدة. أوباما هنأ المسلمين بحلول شهر رمضان الكريم ووصف الإسلام بأنه ديانة عرفت بتنوعها ومساواتها بين الأعراق، وقال في بيان صدر عن البيت الأبيض أن شهر الصوم يذكرنا بالمبادئ التي نتشارك فيها وبدور الإسلام في نشر العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل أبناء البشر، وقال إن المسلمين الأميركيين قدموا مساهمة كبيرة في بلاده. شكرًا يا سيادة الرئيس أوباما على هذه المجاملة البروتوكولية وشكرًا لجهاز العلاقات العامة التي صاغها لكم، ولكننا نذكر سيادتكم أن الفرق بين موقف الإدارة الأميركية الحالية من الإسلام والمسلمين لا يختلف عن الإدارة السابقة إلا في القول فقط، فالمحافظون الجدد كان عداؤهم صريحا ومعلنا للإسلام والمسلمين ولكن إدارتكم تتحدث عن الإسلام والمسلمين بشكل مختلف، ولكن دون تغيير يذكر على أرض الواقع يا سيادة الرئيس. قلتم يا سيادة الرئيس أنكم ضد سياسة الاستيطان الإسرائيلية، فوصل الاستيطان في عهدكم إلى أقصى مدى، وتحول موقفكم الذي حاولتم تسويقه في البداية تجاه الحكومة الإسرائيلية بالتدريج إلى دفاع عن النفس ومحاولات مستميتة لإثبات حسن النية تجاه إسرائيل والإسرائيليين. قبل أسابيع بذل الرئيس أوباما جهدًا كبيرًا خلال حديث له لقناة تلفزيونية إسرائيلية لكي يزيل حالة الشك التي انتابت قادة إسرائيل نحو سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وخلال هذا الحديث قدم أوباما اعترافًا غاية في الأهمية وهو أنه مد يده للمسلمين لا لشيء إلا لحماية إسرائيل. قال أوباما بالحرف الواحد: هناك اعتقاد يسود في الشرق الأوسط، مفاده أن صديق عدوي هو عدوي، ولذلك رغبت في مد اليد للعالم الإسلامي بهدف خاص هو تخفيف الخصومة والحد من خطر العدائية التي قد توجد فيه حيال إسرائيل والغرب. أوباما اعترف أنه حتى الموقف النظري الكلامي الذي أعلن عنه في بداية حكمه تجاه الإسلام والمسلمين هو أيضًا من أجل حماية إسرائيل وليس من أجل رد الحقوق المغتصبة لأهلها وليس من أجل تبييض وجه الولايات المتحدة. على أية حال يا سيادة الرئيس نحن لم نعد نحلم بأن تتخذ الولايات المتحدة موقفًا عادلاً تجاه القضية الفلسطينية، فكيف تتحول أميركا، أكبر داعم لإسرائيل في التاريخ، إلى مدافع عن حقوق الفلسطينيين وحقوق المسلمين؟ فكم مرة استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من مجرد الإدانة الكلامية؟ وكم مرة استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لحرمان الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم؟ كم مرة وقفت الولايات في جانب ووقف العالم كله في جانب من أجل إسرائيل؟ حتى الموقف الكلامي والآيات القرآنية التي يستخدمها الرئيس أوباما لدغدغة مشاعر المسلمين ليس لها أي فعل على الداخل الأميركي، فهي مجرد خطاب عاطفي أجوف يوجه إلى المسلمين لخداعهم. فهل يمكن للرئيس أوباما أن يغير شيئا فيما يبث من تلطيخ للمسلمين في وسائل الإعلام الأميركية صاحبة السبق والتفوق، كمًا وكيفًا، في تشويه المسلمين وإثارة الكراهية ضدهم؟ كل عام وأنتم بخير يا سيادة الرئيس أوباما وشكرًا على المجاملة الرقيقة التي قدمتها للمسلمين بمناسبة حلول شهر رمضان.