شبكة غسيل الأموال..

شبكة غسيل الأموال..

إن صحت تفاصيل الأخبار التي قرأناها قي وسائل الإعلام عن تورط وزير في الحكومة في جريمة غسل أموال لصالح جهة أجنبية، فهذه كارثة كبيرة، ليس لأن شخصية كبيرة مارست الفساد وتآمرت على الدولة التي بوأتها أعلى المناصب فحسب، فليست هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها مسؤول كبير بالفساد في العالم، فكثير من الحكام ورؤساء الوزارات في أنحاء العالم اتهموا بالفساد وكثير منهم ثبتت عليه التهمة، ولكن لأن الأخبار تقول إن هذه الأموال القذرة يتم غسلها لصالح الحرس الثوري الإيراني، وأن المسألة لا تقتصر على شخص واحد، ولكن هناك شبكة، وأن دولة الكويت الشقيقة وجهت لامرأة كويتية ذات شأن وجاه تهمة الانتماء لذات الشبكة التي تقول الأخبار إن الوزير البحريني ينتمي إليها.
وطالما أن هناك شبكة وهناك شخصيات ضالعة فيها في دول خليجية أخرى، فالمسألة ليست قضية فساد عادية ولكنها اختراق على أعلى مستوى، وقد تبين التحقيقات الجارية حاليًا مفاجآت لم تخطر ببال أحد في هذه القضية التي تعد خبر الموسم. فوصول الحرس الثوري الإيراني، حسب ما أوردت الأخبار، لمسئول حكومي كبير واستخدامه بهذه الطريقة، يفتح المجال للكثير من التساؤلات والأسئلة، فكيف استطاع الحرس الثوري الإيراني الوصول إلى مسؤول بهذا الحجم وتجنيده، وإذا كان هذا هو الحال مع وزير يعمل في كنف الحكومة وتعرف حركاته وسكناته، فكيف تكون الأمور مع الشخصيات التي لا تشغل مناصب رسمية في البلاد؟، وهل كل ما يرد من الخارج من أموال يتم متابعته أم أن الأمر مرتبط فقط بالمبالغ الكبيرة؟ وهل هناك أنشطة مورست من قبل في الماضي من قبل أعضاء هذه الشبكة؟ وما هي طبيعة هذه الأنشطة؟
أسئلة كثيرة قد تجد إجابات وقد لا تجد، ولكن من حق الرأي العام البحريني أن يعرف كل ما أسفرت عنه تحقيقات الجهات المسؤولة مع المتورطين، فهذه قضية أمن قومي من العيار الثقيل.
وفي كل الأحوال يجب أن ننظر إلى المسألة برمتها على أنها شهادة جديدة على يقظة أجهزة الأمن البحرينية ودليل على شفافية الدولة البحرينية، فتقديم وزير للمحاكمة أمر يندر حدوثه في عالمنا العربي، حتى بعد خروجه من الحكومة.
وبالتالي لا يجب أن يتوسع بعضنا في توظيف هذا الحدث على نحو لا يتفق مع المنطق السليم، أو استخدامه كشهادة ضد الدولة البحرينية وليس شهادة لها. فمن العيب أن نكون دائمًا متوجسون للدولة ومتشككون في كل ما تقوم به أجهزة الدولة، ونتعامل مع الأمور بمنطق المؤامرة.
 هذه القضية بالذات لا يجب إخراجها من سياقها واتخاذها مناسبة جديدة لتشويه كل ما هو بحريني وتغييب الجانب المشرق في الموضوع، وهو براعة أجهزة الأمن البحرينية، من أجل تصفية حسابات أخرى رغبة في إفساد العرس. فجهاز الأمن الوطني الذي تولى كشف المسألة برمتها هو جهاز من أجهزة الدولة البحرينية ولم يجبره أحد على متابعة المسألة من بدايتها وكشفها أمام الرأي العام.