سياستنا الخارجية بين الواقعية والمزايدة

سياستنا الخارجية بين الواقعية والمزايدة

السياسة الخارجية البحرينية عنوانها الرشد السياسي والسعي لتحقيق المصلحة العليا لمملكة البحرين بعيدا عن أي شعارات أو عواطف، ووزير الخارجية يحمل على عاتقه مسؤولية كبيرة بشأن تحقيق هذه المصلحة وعن مستقبل المملكة في ظل معطيات ومتغيرات عالمية وتوازنات قوى ومصالح تتوافق وأخرى تتعارض.وهناك فرق كبير جدا بين رجال السياسة الخارجية وبين رجال الانتخابات الذين تعنيهم الشعارات ودغدغة عواطف الجماهير وإلهاب المشاعر،حيث النتائج التي يسعى لتحقيقها رجال الانتخابات تختلف كلية عن النتائج التي يسعى إليها رجال السياسة الخارجية.
وفي اعتقادي الشخصي أن السياسة الخارجية للدول يكون لها جوانب سرية في كثير من الأحيان لا تطرح على الجماهير لأن في طرحها إفساد لها وكشف لأسرار الدولة. وقد يتحمل رجال السياسة والخارجية والدبلوماسية الكثير من النقد في الداخل في مقابل عدم الكشف عن أمور يؤدي الكشف عنها إلى الإضرار بمصلحة الدولة.
هذه الحقيقة لابد وأن تؤخذ في الحسبان لدى الذين يقومون من وقت لآخر باتخاذ مواقف بعينها تجاه وزارة الخارجية البحرينية ورئيسها الوزير خالد بن أحمد آل خليفة،الذي نكن له كل التقدير والاحترام، لأن السياسة الخارجية البحرينية، والدبلوماسية البحرينية التي هي أداة تنفيذ هذه السياسة حققت للبحرين في عهده احتراما وتقديرا دوليا لا يتم تحقيقه بسهولة.
لذلك ينبغي علينا ألا ننغمس حتى أذنينا في نظرية المؤامرة عند الحكم على كل ما يتعلق بسياستنا الخارجية، فالدبلوماسي، ابتداء من الوزير حتى أحدث شخصية في السلك الدبلوماسي معرض خلال عمله للقاء بالعدو والصديق. ولا يعني لقاء دبلوماسي بحريني مع وفد يهودي، أن هذا الدبلوماسي قد باع القضية الفلسطينية،سواء كان هذا الوفد مؤيدا أو مناوئا للسياسات الإسرائيلية العدائية تجاه الشعب الفلسطيني.
وعندما يعلن وزير خارجية البحرين عن حرص المملكة على تطوير التعاون مع حلف الناتو لتعزيز الأمن والسلام الإقليمي في المنطقة ،على اعتبار أن الناتو عضو فاعل في صياغة الاستراتيجيات  ورسم الخطوط العريضة للأمن العالمي،وأن في الوجود الأمريكي وحلف الناتو دعامة لاستتباب الأمن في المنطقة وحماية الخليج العربي من أعمال القرصنة وحالة الفوضى التي يشهدها خليج عدن ،فهو يعبر عن حقائق واضحة لا تحتاج إلى برهان،ويعبر عن مصلحة البحرين دون مزايدة أو شعارات تناسب رجال الانتخابات وحدهم.
أليس معروفا للجميع أن القرصنة والإرهاب وانعدام الأمن، من أكثر العوامل تدميرا لخطط التنمية في المنطقة التي نعيش فيها؟ وهل لدى أحد وسيلة أخرى لحماية أمن واستقرار الخليج ومنع القرصنة سوى التعاون مع الناتو؟
وحتى إذا كانت مسألة التعاون مع الناتو مرتبطة بوجود تأزمات في الخليج  أو باقتراب اندلاع الحرب- وهو الأمر الذي نفاه وزير خارجية البحرين ونفاه الأمين العام للناتو خلال لقائهما بالبحرين قبل أيام – فلا عيب في ذلك من وجهة نظري الشخصية.فالخليج العربي سيكون في قلب النار والدمار إذا اندلعت هذه الحرب، التي يسأل عن اندلاعها غيرنا، والاستعداد لحماية أمن البحرين وغيرها من دول مجلس في حالة اندلاع هذه الحرب بكل السبل المتاحة أمر يخص الخارجية البحرينية في جانب كبير منه، ولها أن تقرر من السياسات بالتشارك مع مؤسسات المملكة الأخرى ما يضمن أمن المملكة وسلامة أراضيها وعدم انتظار المفاجآت!