سمو الأميرة سبيكة وتقدم المرأة البحرينية

سمو الأميرة سبيكة وتقدم المرأة البحرينية

ما تقوم به سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم قرينة جلالة الملك في مجال دعم المرأة البحرينية وصنع تقدمها، شيء سيذكره التاريخ. فلا شك أن الجهود الكبيرة التي تبذلها سموها وما حققته للمرأة البحرينية خلال فترة زمنية قصيرة يعتبر طفرة في عالم الحركات النسائية. هذا الكلام بطبيعة الحال ليس قياسا على ما تحقق في دول أخرى بل قياس على أوضاع ثقافية خليجية وأفكار بالية تم توارثها عبر الزمن. نقصد بهذه الأفكار تلك التي تجعل العمل في مجال دعم المرأة اجتماعيا وسياسيا ومهنيا بمثابة نحت في الصخر. هذه الأوضاع الثقافية لم تعد مسؤولية الرجال وحدهم ولكن مسؤولية النساء أنفسهن. فإذا كان الرجل مسؤول إلى حد كبير في مجتمعات أخرى عن عدم تقدم المرأة سياسيا، ففي الخليج العربي المرأة أيضا مسؤولة عن عدم تقدمها.
ولذلك فمن يعمل في مجال دعم المرأة ومساواتها بالرجل، ليس مطلوبا منه أن يؤثر على فكر الرجل وحده، ولكن عليه أن يبذل جهدا أكبر لتغيير فكر المرأة نفسها، فهناك نسبة كبيرة من النساء لا يؤمنّ أصلا بتمكين المرأة سياسيا.
أثناء اللقاء المهم الذي عقدته سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة بجامعة البحرين مع عدد كبير من شباب الجامعة وحضره المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري المستشار الثقافي لجلالة الملك وحضره رئيسا مجلسي النواب والشورى ووزير التربية والتعليم، قالت إحدى الفتيات في مداخلتها إنها لن تنتخب امرأة لأنها ترى أن الرجل أنسب للبرلمان لأنه يفكر بعقله أكثر من المرأة.
ما قالته هذه الفتاة لا ينبني على قاعدة انتخاب الأفضل – طبقا للمعنى الذي قصدته سمو الأميرة سبيكة، أثناء حديثها – ولكنه ينبني عن عدم إيمان بقدرة المرأة على أداء هذه المهمة النيابية، وهذه هي الخطورة التي تحتم على الساعين لتمكين المرأة سياسيا أن يبذلوا جهدا أكبر لتغيير المرأة نفسها.
وليست معضلة عدم إيمان المرأة بالمرأة هي المعضلة الوحيدة أمام تقدم المرأة سياسيا، ولكن هناك معضلة أخرى وصفها المفكر الكبير محمد جابر الأنصاري بأنها حالة “شيزوفرينيا” تصيب المجتمع، وهي حالة لا تصيب الرجال فقط بطبيعة الحال، ولكنها تصيب النساء أيضا، وتتلخص في أن كثيرا ممن يؤيدون المرأة سياسيا يتخلون عن قناعتهم هذه بمجرد وصولهم إلى صناديق الاقتراع.
وقد أشارت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة لولوة العوضي خلال نفس اللقاء إلى معضلة أخرى في هذا السياق، حيث قالت إن دراسة أعدها المجلس بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بينت أن فئة الشباب مغيبة عن أغلب البرامج الموجهة لتمكين المرأة، بخاصة التمكين السياسي رغم كوننا مجتمعات فتية، وأن مؤسسات المجتمع المدني لم تنجح في غرس الثقافة الحقوقية في نفوسهم.
هذا الكلام لا يؤكد فقط صعوبة العمل في مجال تمكين المرأة في المجتمعات الخليجية ومن بينها المجتمع البحريني، ولكنه يؤكد كما أسلفنا على أن ما تقوم به سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم في دعم المرأة البحرينية يستحق الإشادة، ويستحق أن تلتف حوله جهات مجتمعية عديدة حتى يتحقق التغيير المطلوب.