رسالة إلى أهلنا في تونس

رسالة إلى أهلنا في تونس

عندما خرج التونسيون في عام 2011 وأسقطوا نظام الرئيس بن علي كان الأمر مفهوما، بمعنى أنه كانت هناك أسباب منطقية وراء ثورتهم مثل استبداد بن علي وتفشي الفساد في البلاد وسوء الأوضاع الاجتماعية وانتشار الفقر والبطالة بين التونسيين.
ولكن لماذا يخرج التونسيون بهذه الصورة الآن، وبعد عام واحد من حكم الرئيس الباجي قايد السبسي؟
يقولون إن السبب هو البطالة وفشل الحكومة التونسية في توفير فرص عمل للعاطلين، السؤال هنا هو: ما الذي تملكه الحكومة التونسية وما الذي يملكه الرئيس من خيارات وإمكانيات وموارد لكي يوفر فرص عمل لهذا العدد الكبير من العاطلين؟
وهل يعقل أن نظاما لا يزال في بداية حكمه مثل نظام الرئيس السبسي سيقصر في مسألة تصحيح الأوضاع الاجتماعية السائدة في البلاد؟
إننا نوجه هذه الأسئلة لأننا في سياق الحديث عن شعب متعلم ومثقف وهو الشعب التونسي، وليس السؤال الوحيد الذي نسأله هنا هو: لماذا خرج بعض التونسيين إلى الشوارع؟ ولكن السؤال الأهم هو: ما الذي يمكن أن يحققه هذا الخروج وهذه الاحتجاجات وما يصاحبها من أعمال تخريب؟
الحكومة يمكن أن تتغير، والرئيس يمكن أن يتغير، ولكن ظروف تونس الاقتصادية والاجتماعية لن تتغير بين يوم وليلة، والسماء لن تمطر وظائف بالجملة لكل العاطلين في البلاد.
الشيء الوحيد المؤكد حول نتائج ما يجري في تونس هو أن البطالة سوف تزداد والاقتصاد سوف يزداد ضعفا على ضعف، لأن الاحتجاجات والتخريب لن تحقق أي شيء إيجابي، فلماذا هذا اليأس؟ بل لماذا هذا الانتحار الذي يمارسه إخواننا في تونس؟
سنوات من الفساد ثم ثورة كانت لها تكلفتها الاقتصادية الباهظة لا يمكن أن تتعافى منها البلاد بين يوم وليلة، فلماذا لا يتحمل إخواننا بعض التقشف حتى تقوم تونس العزيزة من كبوتها؟
الشعوب المثقفة – مثل الشعب التونسي – لابد أن تسأل نفسها أسئلة منطقية ولابد أن تجيب عليها بأمانة.
ما هو بالضبط الذي لم تفعله الحكومة التونسية لكي تحل أزمة البطالة؟ ما هي الخيارات التي تجاهلتها الحكومة خلال سعيها للتعامل مع المشكلة؟
نحن لا نمارس الوصاية على أحد ولا نعطي دروسا لإخواننا في تونس، فالتونسيون كما أسلفنا شعب مثقف وقادر على صنع مستقبله، ولكننا نقول هذا الكلام ونسأل هذه الأسئلة من باب القلق والخوف على هذا البلد الجميل.
نحن لا نريد لتونس أن تنتحر أو أن تمشي على طريق غيرها من الدول العربية ولم تستطع في النهاية أن تحل أزمة البطالة أو أية أزمة أخرى، ولكنها فقدت الماء والكهرباء وفقدت الأمن والأمان وفقدت الكرامة وحولت إلى ميادين للخراب والقتل!
نحن نريد للتونسيين أن يبنوا بلدهم ويرتقوا بها مهما كان الطريق طويلا ومهما كان التقشف الذي سيعانون منه، وكل الدعاء لتونس الشقيقة أن تمر من هذه اللحظة الخطيرة.