حول الأمراض المنقولة “تجنيسيًا”

حول الأمراض المنقولة “تجنيسيًا”

استنفدوا كل الأدلة والبراهين العلمية التي تدلل على أن التجنيس شر مستطير، وكتبوا ملايين الكلمات حول التجنيس وأضراره، وربطوا كل مصيبة بالتجنيس، ولم يبق سوى الربط بين التجنيس وبين ثقب الأوزون. ولا عجب في ذلك فحينها يمكن لهم أن يقولوا إن ثقب الأوزون حدث بسبب التلوث الذي أتى به المجنسون.
لا عجب فعلا، طالما أنهم يرون أن المجنسين هم سبب الحصبة اليماني وسبب الإسهال الأخضر والضعف الجنسي وموت الأسماك في خليج توبلي وسبب الغبار الذي يزور المملكة كل عام مرة أو مرتين ويتسسب بدوره في زيادة الأمراض الصدرية. وربما يخرج علينا من يقدم بحثا حول التجنيس في المكسيك ويربط بينه وبين تفشي أنفلونزا الخنازير هناك.
وزارة الصحة طلبت من العمال الصحيين أخذ الإجراءات الاحترازية عند فحصهم للقادمين من الخارج ممن لديهم أعراض مرض الحصبة اليمانية، وبالتالي سارع المحللون الكبار بربط هذا الأمر الجلل بعملية التجنيس، فهي فرصة لا يجب أن تمر دون أن نسفه من حصلوا على الجنسية البحرينية من أبناء العرب، مع تقديم الاحترام لهم وإفهامهم أن هذا ليس تجريحا أو نظرة دونية لهم.
ومن أجل تدعيم هذا التسفيه بمزيد من الحجج وإعطاء المسألة عمق تاريخي معين، فلابد أن نأتي بأرقام تبين عدد الذين أصيبوا بالإسهال الناتج عن التجنيس خلال الأيام الماضية. ولإضفاء نوع من الموضوعية على ما نقول وتبيانا لنفوسنا العادلة وتحليلنا العلمي، فلابد أن نجد أي رابط بين الحصبة اليمانية وبين الحرب في صعدة، على أن نستخدم ذكاءنا ونشيد بالجهود اليمنية في محاربة الحصبة، ونبين أنه لو لا أن اليمن تركت حربها على الحصبة واتجهت إلى الحرب على الحوثيين والحرب على الجرب لكانت الآن قد تمكنت نهائيا من القضاء على الحصبة، بدلا من تركها تغزو دولا أخرى نتيجة للتجنيس وغيره من وسائل نقل الأمراض.
لقد سمعنا عن الأمراض المنقولة جنسيا، وسمعنا عن الأمراض المنقولة وراثيا، وسمعنا عن الأمراض المنقولة جينيا، ولكننا لم نسمع عن الأمراض المنقولة تجنيسيا، ولكن لا بأس فالعلم كل يوم يأتي بالجديد، والمبدعون موجودون في كل زمان ومكان.
 قال لويس باستير أن “الأفكار الإبداعية لا تزور إلا العقول المهيأة لها”، فكثير من الناس سقط فوق رؤوسهم التفاح والبرتقال، وكثير من الناس سقطت فوق رؤوسهم أشياء أخرى، ولكن لم يربط أحد بين الجاذبية وبين سقوط التفاح فوق رأسه سوى “اسحق نيوتن”، وكثير من الناس ربط بين التجنيس وبين تغير لون العيون والبشرة لدى بعض الشعوب، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نجد فيها من يربط بين التجنيس وبين انتفاخ القولون.
وفي الختام نريد من السادة المحللين أن يبينوا لنا ما إذا كان جميع القادمين من الخارج يمكن أن يحملوا لنا الأمراض أم المجنسين فقط؟؟