حول اعتراض قطر على المطوع

حول اعتراض قطر على المطوع

الدول كالأفراد تتحرك وتتخذ من المواقف ما يليق بمكانتها وحجمها وتاريخها. وقد اتخذت المملكة العربية السعودية ممثلة في شخص خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الموقف الذي يليق بالشقيقة الكبرى. لم تنظر لمسألة رفض قطر لترشيح محمد المطوع لمنصب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي سوى من زاوية واحدة هي منع أي شقاق بين الأشقاء داخل مجلس التعاون الخليجي. فهكذا يكون الكبار، وهكذا هي الشقيقة الكبرى على الدوام.
وقد جاء الرد البحريني أيضا على قدر الاحترام والتقدير الذي تتميز به البحرين تجاه شقيقاتها الخليجيات وغير الخليجيات، وتجاه الشقيقة الكبرى على وجه الخصوص. البحرين ممثلة في جلالة الملك حمد بن عيسى ترفعت عن الصغائر وفضلت الوئام والاستقرار على ما سواه في تعاملها مع الأشقاء، خصوصا وان الظروف التي تمر بها الأمة تحتم على كل الكبار ان يترفعوا عن الصغائر.
المطوع كان وزيرا محترما أدى ما عليه تجاه بلاده التي علمته وأعطته كثيرا. المطوع كان وزيرا للإعلام في حكومة البحرين يمثل الموقف الرسمي البحريني إعلاميا، وكان ينطق بما تقتضيه مصلحة بلاده ككل الوزراء في العالم، ولم يكن كاتبا صحافيا يعبر عن رأيه الخاص، يصادق من يصادق ويعادي من يعادي على مسؤوليته الشخصية. وهنا يكمن العتاب على الإخوة في قطر. فلقد انتهت المرحلة التي لا نريد لها أن تعود، المرحلة التي كان فيها الإعلاميون في قطر والبحرين يتبنون مواقف مدافعة عن مصالح بلديهما، وعدنا إخوة كما كنا وعفونا عن كل ما جرى خلال تلك المرحلة التي خلت وعفونا بالتبعية عن كل أبطالها. لا مجال إذن بعد ذلك للانتقام الشخصي، ولا مجال لأن تقف دولة كاملة في مواجهة مواطن واحد في دولة شقيقة.
بعد كل الذي تحقق على مستوى مجلس التعاون الخليجي، وعلى مستوى العلاقات الثنائية مع قطر، كان يجب أن يقيّم المطوع على أساس إمكانياته العلمية وخبراته السياسية التي يمتلك منها كثيرا، والتي جعلته جديرا بالثقة الملكية في مملكة البحرين، وليس بناء على موقف شخصي وانتقام لا يليق بالأشقاء، فالمطوع عندما كان وزيرا كان يمثل بلاده، وعندما تم ترشيحه لهذا المنصب كان أيضا يمثل بلاده، وكان لا بد من إظهار حسن النوايا، لأن اعتراض دولة خليجية على ترشيح مواطن من دولة خليجية، بعد أن نال ثقة أعلى سلطة في بلاده لأمانة مجلس التعاون حتى وإن كان مقبولا من الناحية القانونية، فهو غير مقبول بين الأشقاء.
وعلى أي حال، ولأن البحرين كبيرة بحكمة وعقل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، قبلت بوجهة نظر الشقيقة الكبرى وآثرت الرشد السياسي على الرد على الإساءة. وهذه هي السياسة التي تحقق مصلحة الشعوب الخليجية بعيدا عن المهاترات السياسية التي لا تخدم أحدا.
والحمد لله أن البحرين لديها من الأبناء كثير ممن يصلحون لهذا المنصب ولغيره، واستطاعت أن تستبدل المطوع بعبد اللطيف الزياني الذي لا يقل عنه علما وخبرة وعطاءً ولنبارك له جميعا على هذا المنصب الرفيع.