حوار مع قارىء

حوار مع قارىء

القارئ : ألو
الكاتبة : مرحبا
القارئ : هل أنت الكاتبة بثينة خليفة قاسم صاحبة مقال "زبدة القول " في جريدة البلاد؟ الكاتبة: نعم، أنا هي بشحمها ولحمها وصوتها أيضا.
القارئ: في الحقيقة أنت تمتلكين قلما رشيقا مطواعا واعدا، ولكن…
الكاتبة: أشكرك أولا على هذا الإطراء، ولكن، ماذا بعد لكن؟ القارئ : ولكنك للأسف كاتبة ذات خط حكومي واضح، أنت حكومية، هذا ما تؤكده مقالاتك.
الكاتبة: وما العيب في ذلك؟
القارئ: العيب أني مواطن مسكون بهموم المواطن وقضاياه، أعارض من يقف في وجه المواطن سواء كان بسبب الحكومة أو المعارضة، والحكومي هو الذي يغض الطرف عن أخطاء الحكومة مهما كانت فادحة، ويلتمس لها الأعذار ويبررها طول الوقت ولا يكف عن تلميع الوجوه والمشاريع الحكومية، يفعل ذلك راجياً مصلحة ما، أو بغضاً في قوى سياسية معينة، الحكومي يدار بالريموت كنترول، ترفع الحكومة صوته ليصم الأذان، أو توطيه إلى الحد الذي يمكن سماع دقات قلبه فقط.
الكاتبة: يبدو أنك يا عزيزي من أولئك الذين لا يرون البطولة والوطنية إلا في رفض وانتقاد كل ما يصدر عن الحكومة من كلام أو أفعال على طول الخط، ويربطون بشكل تعسفي بين انتقاد تصرفات بعض الجمعيات ذات المرجعيات الخارجية وبين الوقوف ضد مصلحة المواطن، وكأن العلاقة الطبيعية بين المواطن والحكومة هي علاقة العداء والتنافر.
حتى غدونا نحن "الكتاب الصحفيون" من وجهة نظركم صنفين، صنف حكومي مقيت يعمل ضد مصلحة المواطن، وصنف آخر ينتقد أي شيء يصدر عن الحكومة ويشكك فيه، وهذا هو الصنف الذي ينال ثقتكم – أصحاب نظرية العداء والتنافر الدائم بين الحكومة والشعب- .
القارئ: لا تتناسى سيدتي ماذا فعل الأنانيون، سرقوا ما سرقوا، وضيعوا ما ضيعوا، وتركونا نهباً للعوز والحاجة والمذلة،، والويل وسواد الليل لمن يخالفهم ويعارضهم ولا داعي لتذكيرك بالتعذيب والنفي والسجون في الثلث الأخير من القرن المنصرم، فيا لرضاك، ويا لسخطي!
الكاتبة: حنانيك يا هذا… أرجو عدم الخلط بين المصلحة العليا للوطن والقضايا المرتبطة بهذه المصلحة، وبين الولاء المطلق للحكومة أو أحد وزرائها. فما كتبته منذ عرفت الكتابة الصحفية هو من أجل الوطن وليس من أجل الحكومة، وإن كنت لا أرى أن الثناء على أداء الحكومة أمر محرم في جميع الأوقات.
فعندما أرفض الطائفية وأرفض السائرين في فلكها والذين يستعينون بالخارج على الداخل والذين يعملون وفقاً لمرجعيات خارجية ويجعلون هذه المرجعيات أعلى شأناً من الوطن، فأنا بذلك أدافع عن الوطن وليس الحكومة، إلا إذا كان هناك تعريف آخر للوطن غير الذي تعلمناه.وعندما أنتقد التخريب والعنف الذي يشكل ظاهرة سلبية في البحرين ويضر بمصالح الناس، فأنا أكتب عن مصلحة الوطن وليس مصلحة الحكومة. وعندما أرفض تزييف وعي الشباب وطمس ثوابت وطنية راسخة مثل أيام البحرين ذات التاريخ والأهمية، فأنا أدافع عن الوطن ولا أنافق الحكومة. وعندما أقوم بتسفيه الذين يرفعون على أرض البحرين أعلاماً غير علم البحرين، ورموزاً غير رموزها، فأنا أيضاً في قمة العشق لوطني، وليس للحكومة شأن فيما أقول إلا كونها جزء من هذا الوطن. ومن نفس المنطلق فإن انتقادي الحكومة لوجود مخالفات في مسألة تخصيص الأراضي المملوكة للدولة هو أيضاً في صلب الموضوع، الذي هو مصلحة الوطن.
القارئ: يا لهذه البطولة والشجاعة، تسمون نقدكم للحكومة نقداً وتعرية… أنتم تعرونها لتضعوا زيت " المساج" عليها، تضغطون علها ضغطاً مريحاً لتخلد حكومتكم للراحة والنوم العميق بعد أن أديتم دوركم بمهارة، وتقولون أديتم أمانة القلم كاملة، وأنا أقول أديتم أمانة خيانة القلم كاملة.
الكاتبة: هدئ من روعك يا رجل… لا شك أن الإنسان الذي يجامل الحكومة على طول الخط دون مبالاة بمصلحة الوطن، هو في واقع الأمر يضر بالوطن والحكومة معاً، ولو كانت خدمة الوطن والإخلاص له لا يتأتيان إلا بالمدح الدائم للحكومة، لما تم اختراع البرلمان أو الصحافة. وكما أن الكاتب المجامل للحكومة على الدوام هو كاتب لا يحقق مصلحة الوطن، فالكاتب الناقد طوال الوقت هو كاتب ضد مصلحة الوطن وله أغراض أبعد من مسألة إصلاح السياسات الحكومية. وتأكد أنه ليس بطولة أن تكذب على الناس وتلعب بعواطفهم طوال الوقت وتشكك في كل كبيرة وصغيرة تقوم بها الحكومة. إنما الأصل أن تقول للمحسن "أحسنت" وأن تقول للمسيء "قف من أنت؟"
القارئ: خسارة يا أستاذة بثينة، أنت متهمة بأنك " بوق" حكومي.
الكاتبة : الحمدلله أني بوق لا "يبوق"، وإذا أنت مو مصدقني، هاك رقم حسابي في البنك!!