حوارٌ من أجل الحوار

حوارٌ من أجل الحوار

قبل أيام انتهت حلقة أخرى من حلقات الحوار الفلسطيني بين فتح وحماس في القاهرة ، وبصراحة لا أتذكر رقم هذه الحلقة من الحوار فقد تكررت هذه الحوارات بشكل يجعل تذكرها مسألة شاقة.
شىء مؤسف حقاً أن تكون النتيجة الوحيدة التي يعلن عنها عقب كل حوار هو الإتفاق على شىء واحد فقط ، وهو عقد حلقة حوار جديدة . والذريعة التي نسمعها كل مرة هي الاعتقالات المتبادلة بين الطرفين ، والشىء الذي يبين عدم الإخلاص وسوء النوايا أن هذه الاعتقالات التي يقوم بها هذا الطرف أو ذاك تقع ، أو يعلن عنها دائماً في الوقت الذي تكون فيه الأجواء موحية بقرب إنجاز سلام فلسطيني فلسطيني.
 فإلى متى يا أهلنا الحاملين للواء القضية هذا التفرق وهذا التناحر، وإلى متى الدوران في حلقات الحوار المفرغة. عندما قدم الجزائريون أكثر من مليون شهيد لتحرير بلدهم لم يكن لهم سوى عنوان واحد وراية واحدة ، الجميع كانوا مجاهدين يحملون أرواحهم على أكفهم ولا يسعون إلى مناصب أو زعامات ، لأن أعظم شىء يناله الرجال عندما تحتل بلادهم هو الإستشهاد من أجل تراب هذا الوطن.
 وعندما أذل الفيتناميون أعتى قوة عسكرية في العصر الحديث وحرروا بلادهم لم يكونوا فصائل أو جماعات أو زعامات في الداخل وزعامات في كل عاصمة عربية.
ولم يرفض الليبيون المجاهدون مع الزعيم الخالد عمر المختار أن يكونوا قوة مشتركة ، لأن التشكيك في الآخر والتخوين لم يكن قد عشعش في قلوبهم وعقولهم.
الزعامة التي نتقاتل من أجلها لا تساوي قشرة بصلة طالما أن أرضنا محتلة .. ولا شرف لأحد إلا للشهداء.
إن شهيداً واحداً أفضل ألف مرة من جيل كامل من السياسيين . لم تكن هناك حركة تحرير ناجحة عبر التاريخ مكونة من ثلاثة عشر فصيلاً وقيادات في الداخل وقيادات في الخارج.
نعلم أن الإحتلال الصهيوني هو الأحقر والأسوأ عبر التاريخ ، ونعرف أن حل القضية وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم مسألة لا ترتبط بهذا الشقاق الحالي، فالظلم الذي يشارك فيه العالم كله بأشكال مختلفة سابق للإنقسام ومع ذلك لم تحل القضية . ولكن رغم ذلك يحق لنا أن ندين هذا الشقاق الذي يعيشه ويصنعه رفاق الجهاد في فلسطين، لأن هذا الشقاق هو العار بعينه، وهو الدليل الواضح على عدم الإخلاص للقضية . فالقضية يجب أن تكون أولاً، وعندما يتم إقامة الدولة، لنا أن نكون أحزاباً وفصائلاً ، لأن الدولة تسبق الأحزاب في المجىء إلى الوجود، أما إذا حدث العكس، فهذه هي الوصفة الناجحة لإفشال أي حركة تحرير مهما كانت عدالة القضية التي تعمل من أجلها هذه الحركة .