حماس واستفزاز مصر

حماس واستفزاز مصر

التصريحات الأخيرة لقادة حماس التي أساءت لمصر والدور المصري لا تفيد حماس ولا تفيد القضية الفلسطينية ولا تخدم إلا الساعين إلى تشويه الدور المصري التاريخي تجاه القضية الفلسطينية الراغبين في استخدام القضية الفلسطينية كورقة لتحقيق مصالحهم الخاصة.
الدكتور محمود الزهار القيادي المعروف في حركة حماس الذي عرف عنه الهدوء والانضباط في تصريحاته وأحاديثه لوسائل الإعلام، لم يكن كذلك خلال تصريحاته الأخيرة التي انتقد فيها الخارجية المصرية بشدة وطالب بإنهاء الدور المصري الراعي للقضية الفلسطينية واستبداله بدور عربي.
وكأن الدكتور الزهار نسي أن مصر تلعب هذا الدور بمعرفة العرب وبمعرفة الجامعة العربية. والأغرب من ذلك أن الزهار في حديثه هذا وجه نقده لكل العرب، وقال في العرب مجتمعين من النقد ما لم يقله في مصر. فقد اتهم العرب في أكثر من موقف خلال إجاباته بأنهم تابعون للولايات المتحدة الأمريكية ويخشون إغضابها. ففي خلال إجابته عن سؤال حول زيارة عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية إلى غزة، قال الزهار إن العرب «لم يعترفوا بنتائج الانتخابات الفلسطينية في العام 2006 لأنهم لا يريدون إغضاب أمريكا»، وقال إن الجامعة العربية «رفضت أن تعترف بالانتخابات الشرعية وفضلت عليها الشرعية الأمريكية التي تتعامل مع حكومة أبومازن المنزوع عنها غطاء الشرعية».
وفي رده على سؤال عن لجوء حماس للحسم العسكري في غزة واستقلالها بها وما نتج عن ذلك من انشقاق وحصار تعرض له الشعب الفلسطيني، قال الزهار: «ليس الوضع كما يصوره الإعلام العربي الرسمي، لقد تم الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية، وقررت فتح أن تقضي على حماس ولجأت للسلاح، الجميع يعرف قصة  الكونتينرات  التي جاءت بالسلاح لفتح، والمربعات الأمنية التي كانت تقتل الناس بسبب بطاقات الهوية، هم الذين قرروا أن يحسموا فانهزموا وفروا إلى مصر وإسرائيل، أما نحن فتحركنا لحماية الشرعية، وبعض الدول العربية لا تريد أن تفهم هذا الكلام، لأنها وضعت عقلها في الثلاجة، وقررت أن تتبع الإدارة الأمريكية في حربها على حماس».
هذا هو كلام السيد الزهار وزير خارجية حماس، فأي دور عربي يراه السيد الزهار وتراه حركة حماس مادام رأيه في العرب هو كما ذكر؟!
ربما أراد الدكتور الزهار استبدال الدور المصري بالدور التركي، خاصة بعد أن رفضت مصر أن تلعب دور المتفرج خلال محاولة الوساطة التركية للصلح بين فتح وحماس، وقالت «من أراد أن يأتي إلى القاهرة فمرحبًا به».
تركيا لم تأت بجديد في مسألة المصالحة وفي مسألة فك الحصار، ولكن قادة حماس يضخمون الدور التركي لسبب واحد، وهو أنهم أصبحوا يرفضون الدور المصري ويسعون إلى تشويه مصر بالوكالة عن الراغبين في تمديد نفوذهم في المنطقة.
لقد نسي قادة حماس أنهم يتحملون المسؤولية الأولى عن حصار الشعب الفلسطيني في غزة، ونسوا أنهم رفضوا أن يقوم رجال أبومازن بالمشاركة في الإشراف على معبر رفح واعتبروا ذلك حلا مذلا.
لقد خسرت مصر كثيرا بسبب ما قامت به حماس في غزة، فعلى مدار سنوات وهي تبذل جهودا مضنية لتحقيق المصالحة التي نتجت عن انشقاق حماس في ظل هجوم إعلامي يدار بسوء نية للنيل منها لمصلحة إيران على وجه الخصوص، فمنذ سنوات والإعلام العربي يطنطن بالأدوار الجديدة التي ستحل محل الدور المصري دون أن نرى أدوارا أو نرى فعلا.
حماس رفضت مرارا التوقيع على الورقة المصرية بسبب شكليات تافهة لا تضيف شيئا، ولكنها تكشف أن قرار حماس مرتهن بموافقة الكارهين للدور المصري مهما كانت مفرداته وتفاصيله.
الدور المصري العربي هو الوحيد الذي لا يستخدم حماس ويستخدم القضية الفلسطينية كورقة من أجل مصلحة خاصة، ولأسباب عديدة لن يكون هناك بديل لهذا الدور. فعلى قيادات حماس أن يكفوا عن الإساءات التي لا تخدم القضية لا من قريب ولا من بعيد.