حقوق الإنسان في عهد جلالة الملك

حقوق الإنسان في عهد جلالة الملك

“هناك قادة تنهض بفكرهم دولهم، وترتقي بين الأمم بفضل عزائمهم وإيمانهم بمستقبل أوطانهم ورفاهية شعوبهم، أولئك يخلدهم التاريخ ويسجل أسماءهم بحروف من نور، ويستحق كل واحد منهم لقب القائد الرشيد.. ذلك اللقب الأثير الذي تهبه الشعوب لثلة قليلة من الحكام، أولئك الذين أثروا في حياة شعوبهم بشكل ملموس، ومن هؤلاء القادة جلالة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي أثبت أن القيادة الرشيدة هي أساس التقدم، فقد منح حبه لشعبه، وأولى جل اهتمامه لرفعة وطنه…”.
هذا هو مضمون الكتاب الجديد الذي صدر عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية برئاسة الدكتور عمر الحسن بالتعاون مع وزارة شؤون حقوق الانسان البحرينية حول تطور حقوق الانسان والحريات في البحرين في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وكما عودنا الدكتور عمر الحسن وفريقه البحثي دوما على إصدار الدراسات الرصينة ذات الأهمية، فهذا البحث الجديد لا يقدم مادة إنشائية ولا مقالات رأي تعبر عن آراء أصحابها، ولكنه يرصد أحداثا وتطورات ويحللها ويبين أبعادها المختلفة ويقوم بعملية تحليل مضمون لما صدر عن جلالة الملك حمد من أقوال ويربط بين هذه الأقوال وبين ما جرى ويجري على أرض الواقع بشكل علمي بعيد عن أية ذاتية أو مجاملة.
البحث يبين كيف اتجه جلالة الملك حمد بن عيسى نحو تحقيق رؤيته تلك من خلال إجراءات تهدف إلى تحويل الدولة إلى مملكة دستورية من خلال ميثاق العمل الوطني الذي استفتى عليه الشعب في الرابع عشر من فبراير 2001 ليكون ركيزة لعقد اجتماعي بنسبة 98.4 بالمئة، ثم قيامه بإلغاء قانون ومحكمة أمن الدولة في 18 فبراير 2001 وإخلاء السجون من جميع نزلائها السياسيين والموافقة على إنشاء جمعيات سياسية لتكون بمثابة أحزاب سياسية لأول مرة في الخليج العربي. ويمضي بنا الكتاب مستعرضا المحطات المهمة في التطور الديمقراطي والحقوقي في البلاد ومن أهمها الدستور المعدل الذي أصدره جلالة الملك وحول البحرين إلى مملكة دستورية وأعطى حقوقا كاملة للمرأة وأنشأ محكمة دستورية وتبنى نظاما برلمانيا قائما على مجلسين، لكي يوازن كل مجلس الآخر من حيث الخبرة والتخصص.
ويشرح البحث كيف هدفت هذه التطورات الدستورية إلى تعزيز الموجة الواسعة من الحريات والحقوق والديمقراطية في البحرين في عهد حاكمها الجديد، وذلك رغم حداثة نشأة الدولة ووجود تحديات محلية وإقليمية ودولية شديدة الضراوة، ومنها صغر مساحة البحرين وقلة عدد سكانها وضآلة مواردها الطبيعية، وأحداث إقليمية ودولية لها انعكاساتها السلبية على المنطقة ومنها: الحرب العراقية الإيرانية، ثم غزو العراق للكويت وحرب تحرير الكويت، وأخيرا الغزو الأميركي للعراق واحتلاله، إضافة إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وحرب أفغانستان، وعدم استقرار البيئة الاقتصادية الدولية تسبب في تذبذب أسعار النفط المورد الاقتصادي الرئيس للبحرين ولكل المنظومة الخليجية التي ترتبط بها، وما ينتج عن ذلك من تذبذب في عائد الصادرات وإيرادات الميزانية العامة للدولة. وعلى الرغم من كل الظروف غير المواتية يبين البحث كيف أن الإرادة والتخطيط الاستراتيجي السليم لعملية التحول في البحرين والإدارة الحكومية الرشيدة برئاسة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أدت بالفعل إلى أن تشهد البلاد الكثير من التغيرات المكثفة سياسيا واجتماعيا خلال فترة قصيرة، فالملك ونتيجة هذا التحول سعى إلى تشجيع كل البحرينيين للمشاركة في بناء وتطوير وطنهم، استنادا إلى أن الديمقراطية ليست مجرد مؤسسات وانتخابات، ولكنها تجسيد لاحترام حريات الأفراد وحقوقهم الأساسية مثل: حق الأمن، وحرية التنقل، وسرية المراسلات، والتعبير عن الرأي، والتجمع وإنشاء الجمعيات العمومية والحرية الدينية.
ويقول البحث إن ما يؤكد رسوخ هذه القيمة في مدركات الملك “حمد” إنشاءه أول لجنة لحقوق الإنسان بمجلس الشورى بحكم دوره التشريعي والرقابي عام 1999، منحت اختصاصات لا تقل عن اختصاصات وصلاحيات أية لجنة أو منظمة حقوق إنسان مماثلة؛ وتأسيس العديد من لجان وجمعيات حقوق الإنسان الحكومية والأهلية، وتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكانت من أهم الخطوات التي اتخذت في هذا الشأن: إفساح المجال لقيام ونشاط الجمعيات النسائية وصدور الأمر الأميري رقم (44) لسنة 2001 بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة في أغسطس 2001، وضمان ممارسة الإنسان في البحرين حقوقه، والتعاون الإقليمي والدولي في مجال حقوق الإنسان سواء من خلال الانضمام إلى عدد من المنظمات الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، أو التصديق على الاتفاقيات والمعاهدات الحقوقية العربية والدولية، وإصدار العديد من القوانين والتشريعات ليستكمل بعد ذلك على مدى نحو عقد ونصف المزيد من الخطوات والإجراءات التي هدفت إلى تدعيم النهج الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان كجزء من تحول المملكة الشامل نحو الديمقراطية.