حزب الحمير في انتظار إذاعة النهيق

حزب الحمير في انتظار إذاعة النهيق

لا أحد يعرف حتى الآن لماذا هذا الظلم الواقع على الحمار في الثقافة العربية، فهو من بين كل الدواب التي خلقها الله قد تعرض للإهانة على مدى تاريخ طويل. لو كانت مسألة استخدامه في الركوب هي السبب لكان الحصان أيضا جديرا بأن يهان لأنه أيضا يستخدم في الركوب ولكانت أحواله قد تحسنت مع تطور وسائل المواصلات وتوقف الناس عن ركوب الحمار.
ورغم أن الحمار في بقية أنحاء العالم يتمتع بوضع ممتاز، حيث استخدمه الأمريكيون شعارا للحزب الديمقراطي الذي هو حزب الرئيس أوباما، وحيث أقام له القبارصة محمية لتحميه من الانقراض، وغير ذلك من أشكال التكريم التي نالها الحمار في الغرب، إلا أن الحمار العربي لطالما تعرض للظلم ليس فقط من العوام الحاقدين عليه لأسباب غير معروفة، ولكن حتى من الشعراء والأدباء الذين يفترض فيهم العدل ورقة الإحساس، فالشاعر الذي كان يبغض “أم عمرو” ويدعو عليها بالهلاك ظلم الحمار ظلما كبيرا عندما تمنى له الهلاك مثلها حيث قال:
إذا ذهب الحمار بأم عمرو * فلا رجعت ولا رجع الحمار
أليس هذا ظلمًا بينًا من هذا الشاعر؟ ما ذنب الحمار هنا لكي يتمنى له الشاعر نفس مصير أم عمرو؟؟.
كان من المفترض أن يقدم الشاعر شكره إلى الحمار لأنه هو الذي سيحمل أم عمرو إلى حيث هلاكها.
الشاعر أحمد مطر أيضا ظلم الحمار، عندما تحول الحصان في قصيدته إلى حمار بعد خروجه من مقر مباحث أمن الدولة، ففي هذا اعتراف من مطر بأن الحمار أقل منزلة من الحصان.
ولم تنجح مصادقة توفيق الحكيم وأحمد رجب للحمار وكتاباتهما عنه في رفع الظلم عن كاهله ليبقى الحمار لأسباب غير معروفة مظلوما في عالم الأدب العربي.
ومع ذلك فقد تحسنت أحوال الحمار العربي في السنوات الأخيرة بشكل ملموس على مستويات أخرى، فقد لاحظت خلال تجوالي على شبكة الانترنت زيادة كبيرة في عدد المدافعين عن حقوق الحمار، ولاحظت وجود مساهمات نوعية تبين مدى الإخلاص الكبير لقضية حقوق الحمار العربي، وهو ما جعلني شخصيا أشعر بشيء من الحقد على الحمار.
ولكن أهم نقلة نوعية للحمار العربي على المستوى السياسي والإعلامي هي تلك التي قرأنا عنها قبل أسابيع، حيث قدم المواطن العراقي عمر سحلول طلبا إلى رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح يطلب فيه دعما ماليا لإنشاء إذاعة خاصة لحزب الحمير العراقي الذي أسسه هذا المواطن منذ عام 2005 تسمى إذاعة النهيق.
وكان هذا المواطن العراقي قد أسس هذا الحزب من قناعة مؤداها أن الشر والانحراف المنتشرين بين بني البشر يفرضان أن يعيش المرء كالحمار.
وتقسم مراتب أعضاء حزب الحمير العراقي كبقية الأحزاب السياسية إلى مراتب معينة، فهناك حمار، وهناك أتان (أي أنثى الحمار) وهناك جحش. وجاء في الأخبار أن أعضاء الحزب يتبادلون فيما بينهم عبارة “أنت حمار” على سبيل الاحترام. وجاء أيضا أن المكتب السياسي للحزب يسمى بالخان، وهي كلمة كردية تشير إلى مكان نوم الحمير.
وعلى الرغم من أن هذه الصيحة التي تشكل نقلة نوعية في مجال الدفاع عن حقوق الحمار قد صدرت من مواطن كردي إلا أن تأثيرها سوف يتجاوز حدود إقليم كردستان، خاصة وأن الكثير من المواطنين في الدول العربية قالوا في تعليقاتهم على هذا الخبر على الإنترنت إنهم متحمسون جدا للانضمام لهذا الحزب وفتح فروع له في بلدانهم على شرط أن يسمح لهم بالنهيق كحق فطري وتاريخي من حقوق الحمار.
• تنبيه مهام:
عبارة “الحمار العربي” الواردة في العمود لا يقصد بها أن الحمير لهم جنسيات كبني البشر، فليس هناك حمار عربي أو فارسي بحكم العنصر (على الطريقة الصهيونية)، وليس هناك حمار عربي بحكم الثقافة؛ لأن ثقافة الحمير لا تختلف كثيرا على اعتبار أن لغتهم واحدة في كل العالم وهي لغة النهيق.