حديث الدكتور حسن مدن

حديث الدكتور حسن مدن

حديث الدكتور حسن مدن الذي قرأناه قبل أيام قليلة هو حديث العقلاء الراشدين سياسيا، فالوطن فوق الأهداف الانتخابية الضيقة، وسواء نجح التيار الذي ينتمي إليه الدكتور مدن في الانتخابات أم لا، فالوطن أهم وأبقى من كرسي في البرلمان يكون ثمنه تمزيق أبناء الوطن وتفتيته والدعاية غير المسؤولة.
عندما تتحدث شخصية بوزن ومكانة الدكتور حسن مدن عن البحرين بالشكل الذي تحدثت به فإنها تجعلنا نشعر بالأمان، خاصة في هذا الوقت الذي كثر فيه الكلام وكثرت فيه الدعوات المارقة التي لا تخدم شيئا سوى أغراض خبيثة لا تتصل بالمصلحة الوطنية لا من قريب أو بعيد.
الدكتور حسن مدن، سواء اتفقنا معه فكريا وأيديولوجيا أم لا، يبقى قامة ثقافية وفكرية كبيرة في مملكة البحرين، وما ذكره في تصريحاته شيء يزيد من احترامنا له، فالبحرين حاليا أحوج ما تكون إلى مثل هؤلاء الرجال الذين يغلبون المصلحة الوطنية على كل شيء وينشغلون بمستقبل البحرين أكثر من انشغالهم بأهداف فئوية ضيقة أو تحقيق أهداف انتخابية عن طريق شعارات واستقطابات مبنية على أسس غير سليمة.
الدكتور حسن مدن تحدث عن التغيرات الديمقراطية وتوسيع نطاق الحريات العامة التي تحققت في البحرين خلال الفترة الماضية، وهو حديث منصف ومسؤول، بعيدا عن أي مزايدات انتخابية، وأعطى للمرحلة التي نعيش فيها حقها، وهذا هو الفرق بين البحريني الذي يحمل هموم وطنه على كتفيه وبين البحريني الانتهازي الذي يتصرف بعيدا عن أي مسؤولية أو انشغال بمصلحة الوطن، فيقوم بالتحريض وبتضخيم هموم الناس ودفعهم للتمرد والعنف ثم يتحول فيما بعد إلى الاستفادة من هذا التسخين والعنف لتحقيق مصلحة ضيقة.
الدكتور مدن أكد في ثنايا حديثه الممارسة الديمقراطية الصحيحة التي تؤدي إلى التغيير التدريجي الواقعي وطالب بالتحرك من خلال القنوات الشرعية المتاحة، وقال إن الاتجاه نحو الممارسة الديمقراطية بعد غياب طويل عملية معقدة، ودعا الجميع إلى أن يعضوا بالنواجد على الاصلاحات التي تحققت في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى حتى لا نضيع هذه الإصلاحات من أيدينا.
حديث الدكتور مدن رغم كونه حديثًا مختصرًا إلا أنه يضع الجميع أمام مسؤولياته الوطنية ويبين أننا كمواطنين وكجمعيات سياسية مسؤولون إلى حد بعيد عن الحفاظ على المكتسبات التي تحققت – وهي ليست بالقليلة – ويبين أن العنف والتسخين الطائفي لا يصنع جوا صحيا ولا يؤدي إلى أي تقدم في مجال الممارسة الديمقراطية لأنه يربك المسؤولين طوال الوقت ويؤثر سلبا على المضي قدما في إتمام المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.
لا أحد يزعم أن البحرين قد وصلت إلى حد الكمال، ولكن تجربتنا تجربة جيدة وناجحة حتى الآن ولا يجب أن نسعى إلى هدمها بدلا من حمايتها والعمل على إتمامها.
فعلينا جميعا الاختيار ما بين الحفاظ على مكتسباتنا والمضي قدما في إتمام المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وبين الانقلاب عليه عن طريق بث سموم الكراهية والتحريض بين أبناء الوطن الواحد.
وعلى الجمعيات السياسية التي تعنيها الانتخابات دون أي شيء آخر أن تدرك أنها باستخدام أسلوب التحريض والإثارة تدفع الوطن أكثر وأكثر في الاتجاه الذي يضر بالجميع.