تلفزيون البحرين ودعم المرأة

تلفزيون البحرين ودعم المرأة

الحلقة التي عرضها تلفزيون البحرين ضمن برنامج “حلول” حول معوقات وصول المرأة البحرينية للبرلمان تعتبر من ثمار التطور الكبير الذي شهده التلفزيون في عهد الشيخة مي بنت محمد وزيرة الثقافة والإعلام.
فلابد من عرض قضايا المرأة من خلال الإعلام المرئي في مجتمع كالمجتمع البحريني، خاصة وأن هناك شريحة لا بأس بها من النساء على وجه الخصوص بعيدة عن الفعاليات الثقافية وبعيدة عن الصحافة، ولا يمكن التعامل معها إلا من خلال التلفزيون، فضلاً عن أن التلفزيون جهاز له بريقه، وإن عرض قضايا تمكين المرأة من خلاله يؤدي إلى إقناع الكثير من النساء بأهمية القضايا النسائية ويشعرهن أن هذه  القضايا قد باتت بحق محور اهتمام المجتمع والدولة، فشكرا للسيدة وزيرة الثقافة والإعلام، وشكرا للقائمين على التلفزيون على هذا الاهتمام، ونتمنى ألا تكون هذه الحلقة هي الأخيرة في هذا المجال، ونطالب بأشكال أخرى من التناول التلفزيوني لقضايا المرأة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
مضمون هذا الحلقة كان مضمونا جيدا، وكان جميع المشاركين رجالا ونساء ناجحين إلى حد بعيد في تشخيص الداء والدواء في مسألة وصول المرأة إلى البرلمان.
اتفق المشاركون، ونحن معهم، على شيئين مهمين: أولهما أن الثقافة الذكورية لا تزال سائدة وتتحكم إلى حد بعيد في مسألة ترشيح وانتخاب المرأة، وثانيهما أن المرأة البحرينية ليست وحدها في العالم التي لا تحصل على ما تستحق من المناصب المهمة ومن مقاعد البرلمان، مع اختلاف الأسباب من دولة إلى أخرى.
ولكننا نصر على أن الجمعيات الدينية السياسية سواء التي حضر مندوبها إلى البرنامج أو التي هرب مندوبها، تقول بعكس الواقع في كثير من الأحيان، فهي تعلن أنها ليست ضد المرأة وأن معيار الكفاءة والقدرة على اكتساب الأصوات هو المعيار الذي يتم على أساسه اختيار المرشح، رجلا كان أم امرأة، كما عرض الشيخ جاسم المؤمن الناطق بصوت جمعية الوفاق، ولكن هذا الكلام فيه الكثير من التجمل السياسي ويمكن أن نسميه السبب المعلن لعدم ترشيح الجمعيات الدينية للنساء. فمعيار الكفاءة إذا ما طبق على الجميع رجالا ونساء لا يضر بالمرأة البحرينية، ولكن قد تضر بها الكيفية التي يتم بها تحديد مدى كفاءة هذا الرجل أو هذه المرأة والمسؤولون عن تحديد هذه الكفاءة الذين هم غالبا من الرجال. الشيخ المؤمن كان ذكيا في توضيحه أن المرأة ممثلة على مستويات عدة داخل كيان جمعية الوفاق، ولكن هذا أيضا يدخل في نطاق التجمل السياسي والوجود الشكلي للمرأة.
السيدة شهزلان خميس كانت هجومية ومتشائمة، ومتأثرة ربما بتجربتها السابقة في الانتخابات البرلمانية، ومع ذلك فأنا أتفق معها تماما في ضرورة إقرار نظام الكوتا النسائية في الانتخابات البحرينية كحل وقتي وفعال لمشكلة عدم وصول المرأة إلى البرلمان، فكثير من الدول العريقة في العمل البرلماني أقرت هذا النظام.
وتأتي أهمية الكوتا في هذه المرحلة في أنها ستعطي الفرصة للمجتمع لكي يرى الأداء البرلماني النسائي، ويقوم بالحكم على هذا الأداء بشكل علمي بعيد عن أي مؤثرات، وفي المقابل يعطي الفرصة للمرأة لتقديم نفسها للمجتمع من خلال هذا المنبر. وأنا شخصيًا أرى أن الظروف مهيأة في الوقت الحالي لتحقيق هذا المطلب في ظل الرعاية الملكية لجلالة الملك المفدى لقضايا المرأة والحيز الكبير الذي نالته هذه القضايا في المشروع الإصلاحي لجلالته، وكذلك الجهود الكبيرة للمجلس الأعلى للمرأة التي ترعاها سمو الأميرة سبيكة التي جعلت هذا المجلس من أنشط الهيئات الداعمة لتمكين المرأة على مستوى العالم.
كما نرى أن مقترح تغيير نظام التصويت في البحرين من النظام الفردي إلى نظام القائمة مقترح له أهميته في هذا المجال لأنه سيضع الجمعيات السياسية أمام اختبار حقيقي بين القول والفعل ويبين ما إذا كانت ستضع على قوائمها عددا من النساء أم لا، حيث التصويت هنا يكون للقائمة برمتها وليس لفرد بعينه.