برقيات قصيرة للعرب ولتركيا ولعمرو موسى

برقيات قصيرة للعرب ولتركيا ولعمرو موسى

شكرا لرجب طيب أردوغان على خطبته الساخنة التي قال فيها إنه لن يتخلى عن غزة  حتى وإن تخلى عنها العرب، وحذر الدولة الصهيونة من محاولات اختبار صبر تركيا. لقد آن الأوان لأردوغان أن ينقل تركيا من مرحلة الكلام إلى مرحلة الفعل، فالوضع مختلف هذه المرة .فتركيا دولة تستطيع أن تفعل إن أرادت، وأردوغان رئيس وزراء تركيا، وليس رئيس قبيلة كما قال عن نفسه من قبل. لأن إسرائيل هذه المرة لم تعتد على غزة ولكنها اعتدت على تركيا، الدولة الكبيرة التي تعتز بمكانتها. الاعتداء وقع هذه المرة على سفينة تركية موجودة في المياه الدولية، وليس في المياه التي تسيطر عليها دولة الاحتلال. والذين ذبحتهم إسرائيل هم مواطنين أتراك.
نعلم أنكم لستم بديلا للعرب يا أردوغان، ونعلم أن المسؤولية الكبرى تقع على العرب وليس على تركيا. ولكنكم في الفترة الماضية قلتم الكثير وحدث بينكم وبين الدولة الصهيونية الكثير من المواقف الساخنة،ولكن يبدوا أن الدولة الصهيونية قد زادت من استهتارها وتجبرها وقامت باختيار السفينة التركية  لضربها في عرض البحر،واختارت قتل المواطنين الأتراك على وجه الخصوص.
الحرب الإعلامية وإرضاء الجماهير لم يعد يكفي إذن، خاصة أن إسرائيل ردت على الموقف التركي الساخن بشكل مهين.
وشكرا لعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية الذي طالب العرب بأن يكون لهم موقف مختلف هذه المرة. وقال: “علينا أن نغير أسلوبنا في الرد على إسرائيل”. فهو يعلم أن الدول العربية منذ سنوات طويلة لا تملك سوى الشجب والإدانة، ولكنه لم يقترح علينا الأسلوب الجديد الذي يراه للرد على إسرائيل،ربما لأنه يعلم أن العرب سيختلفون عليه.
أما العرب عموما، فنقول لهم: لقد انقسمتم كعادتكم حول أسلوب الرد على هذه الجريمة الصهيونية الجديدة،ففريق يطالب بوقف المفاوضات مع إسرائيل وقطع العلاقات الدبلوماسية،وفريق يقول أن المفاوضات تجري مع الولايات المتحدة وليس مع إسرائيل لكي يتم قطعها. وأنا في رأيي الذي لن يعترف به احد، أقول أنه لاهذا الموقف ولاذاك سيردع إسرائيل عن جرائمها المتكررة المدعومة من الدولة الوحيدة في العالم التي يمكنها أن توقف إسرائيل. فإسرائيل لم تعد تهتم بأحد،وقد رأينا كيف تصرفت في البحر المتوسط، وكأنه قد أصبح بحيرة إسرائيلية تفعل فيه ما تريد.إسرائيل ارتكبت جريمتها وهي تعلم أن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو التاريخي ضد أي قرار يدين إسرائيل مهما كان هذا القرار عديم القيمة. وها هي أمريكا قد تبنت الفيتو ضد قرار مجلس حقوق الإنسان الذي ادان إسرائيل على جريمتها، وها هي بريطانيا ومعها فرنسا قد امتنعتا عن التصويت.
إسرائيل لا تعرف سوى قانون القوة، ولا تحترم إلا الأقوياء، وأمريكا والغرب كله لا يحترمون إلا الأقوياء. ولولا الخوف من الرد الإيراني لقامت إسرائيل منذ وقت طويل بضرب إيران. ولولا التسلح المتقارب حجما ونوعا بين الهند وباكستان لصنعت أوضاع أخرى على الأرض بين هاتين الدولتين.
ولن يستطيع العرب ردع إسرائيل إلا إذا كونوا جيشا عربيا ينخرط فيه كل أبناء العرب، ويتم تسليحه كما وكيفا بأموال العرب، أو على الأقل تسليحه بالأسلحة التي يتم شراؤها بالمليارات كل عام وتكدس في المخازن العربية.
هل العرب مجتمعين أفقر من إيران أو باكستان لكي يتسلح هاتين الدولتين كما وكيفا أفضل منهم.؟ألا يمكن لأمة بهذا العدد وبهذا الغنى ان تشكل جيشا قويا يحترمه العالم،بدلا من الجعجعة الإعلامية التي نسمعها لبعضنا البعض ولا يكترث بها العالم؟