بذور الأزمة 2 – 2

بذور الأزمة 2 – 2

اتصالا بما بدأناه في عمودنا السابق، حول كتاب بذور الأزمة للكاتب الأمريكي رشيد خالدي، حيث تناول الكاتب أيضا مستقبل القوة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد الدمار الذي أوقعته بالمنطقة باحتلالها لبعض الدول بها في سبيل حربها على شبكات (إرهابية) غير منظمة تتعدى الحدود القومية، تلك الحرب التي تتطلب إنفاق ميزانية عسكرية تتجاوز 550 مليار دولار هو ما صدم الكثير من المراقبين في الولايات المتحدة وحول العالم وصدم الكثير من رجال السياسة الأمريكيين الذين كانت تنقصهم الشجاعة عندما صوتوا لصالح الميزانيات العسكرية الضخمة التي استخدمت لانتاج أسلحة لا تتناسب مع (الإرهابيين).
يقول الكاتب ان الربط التعسفي بين شن حرب في الشرق الأوسط وبين حماية الشعب الأمريكي من خطر الإرهاب الذي صنعته إدارة بوش وردده اليمينيون كثيرا في وسائل الإعلام، لا يزال حديث العامة في الولايات المتحدة، رغم إفلاس هذه النظرية.
وقد ذكر الكاتب بما أوصى به الرئيس “أيزنهاور” عند انتهاء ولايته، عندما حذر الشعب الأمريكي من “مجمع الصناعات العسكرية”، وقال: إن علينا أن نوقف النفوذ المكتسب غير المبرر لمجمع الصناعات العسكرية، ويجب علينا ألا ندع هذا التجمع يعرض حرياتنا وديمقراطيتنا للخطر. وكان الرئيس الأمريكي الأول “جورج واشنطن” قد حذر هو الآخر من النمو المفرط للمؤسسات العسكرية واعتبرها شؤما على الحريات. 
ويقول الكاتب إن خسارة الحروب تكون بسبب المنطق السياسي الرديء، كما حدث مع فيتنام، لكل من فرنسا في الخمسينات والولايات المتحدة في الستينات والسبعينات، وكما يمكن أن تسفر عنه حرب أمريكا في العراق في النهاية، وهو ما سيؤدي إلى انقلاب الرأي العام الأمريكي ليس ضد الحرب فحسب ولكن ضد أي مغامرة عسكرية تتسم بالغباء. وإذا ما انقلب الرأي العام الأمريكي ضد الحرب في العراق وضد دعاة التدخل كما حدث في فيتنام، فإن الكونجرس سوف يضطر في نهاية الأمر إلى القيام بواجبه الدستوري الذي تغاضى عن القيام به؛ إذ يتعين عليه أن يراجع ويوازن أعمال السلطة التنفيذية والحالة التي وصلت إليها منذ الحرب الباردة. 
ويقول الكاتب إنه على الرغم من السلطات الواسعة التي تتمتع بها السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة كانت قد تقلصت بعد الحرب العالمية الثانية وبعد حرب فيتنام من خلال قانون سلطات الحرب لعام 1973، وما أعقبه من قوانين اتسمت بالشجاعة، قد عادت لتتضخم من جديد في عهد الرئيس رونالد ريجان، ثم وصلت إلى أقصى مدى في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش حيث اتسعت صلاحيات هذه السلطة في شن الحرب إلى مدى غير محدود بسبب سياسة بوش التي أدخلت الأمريكيين في حرب ضد الإرهاب لا يعرف لها نهاية وجعلت الأمريكيين يستثمرون في مستقبل غامض. 
 
زبدة القول
“لا يمكن لأي حكومة أن تحافظ على الحريات في بلدها وسط الأعمال الحربية المتواصلة، حيث إن الحرب هي المرضعة الحقيقية لأي زيادة في صلاحيات السلطة التنفيذية” (جيمس ماديسون).