النائب البرقوق

النائب البرقوق

مع بداية مواسم الهجرة إلى البرلمان تعددت تكتيكات السادة النواب الحاليين في سعيهم لكسب تأييد الجماهير وضمان العودة مجددا إلى الكرسي البرلماني والحصانة والراتب السمين والسيارة الفارهة، فمنهم من قام بتسفيه مجلس النواب ووصفه بالفشل كما فعل النائب العندليب، ومنهم من يقوم بتسفيه مجلس الشورى ووصفه بأنه معطل للإرادة الشعبية لأنه أحبط بعض المطالب الفئوية، كما فعل النائب البرقوق.
ولكنني شخصيا أعترف أن النائب البرقوق كان أكثر ذكاء وفطنة من النائب العندليب، لأن الأخير عندما أساء لمجلس النواب قد أساء لنفسه ولجميع من حوله، لأن مجلس النواب هو مجموع النواب الموجودين فيه وليس مجموعة المنشآت والكراسي التي يجلس عليها النواب.
أما النائب البرقوق؛ فقرر أن ينهي الجولة البرلمانية الحالية بإبراء ذمته من الفشل الكبير الذي دام أربع سنوات تفرغ فيها السادة الأعضاء للمعارك الجانبية والطائفية وأهملوا مصالح الناس الحقيقية، فقرر إثارة الغبار على الغرفة البرلمانية الثانية، وهي مجلس الشورى.
النائب البرقوق من النواب “المسنودين” في عالم الصحافة على العكس من النائب العندليب، ولذلك فقد تحرك في مهمته الخاصة بالإساءة إلى مجلس الشورى بعد تنسيق وتربيط مع كتاب كبار خصصوا مساحاتهم لدعمه وحماية ظهره بالتزامن مع تصريحاته النارية.
النائب البرقوق يجب أن يكون أكثر اطمئنانا من النائب العندليب، وهو أقرب للبرلمان الجديد من كل ذوي العمائم، وليس في حاجة لهذه الضجة الكبيرة لكي يعود، وأنا شخصيا أضمن مجيئه للبرلمان مرة أخرى، فقد نفذ كل ما أريد منه بالحرف الواحد، وكان من البارعين في إنجاز مطالب جمعيته في التهييج وفي ملء الصحافة بالإثارة حتى أصبح معروفا أكثر من “أميتاب باتشان” وأصبح مطلوبا جماهيريا أكثر من العندليب وأكثر من أصحاب العمائم…
ذلك لأن السبب الذي جاءت من أجله جمعيته للبرلمان هو استخدام هذا البرلمان كمنبر وأداة للتهييج والإثارة، حيث التهييج من داخل البرلمان أسهل وأكثر تأثيرا من التهييج من خارجه، في ظل وجود الحصانة والصحافة التي تنقل أنباء هذا الضجيج أولا بأول. ولم يكن مجيء هذه الجمعية للبرلمان من أجل العمل السياسي في ظل القانون وقواعد اللعبة السياسية الموضوعة كما قد يتخيل البعض أو يروج.
كتلة النائب البرقوق تتعامل بمنطق الرئيس جورج دبليو بوش “من ليس معنا فهو مع الإرهاب”، فإما أن يتحول مجلس الشورى إلى مجلس ممزق طائفيا، ويصبح مكانا للصراخ المتبادل بما يحقق أهدافا خبيثة لهذه الجمعية، وإما أن يتم تسفيهه واتهامه بتعطيل الإرادة الشعبية، تلك “الإرادة” التي يستخدمها البعض من دون وجه حق، لأنهم أنفسهم يعبرون في الأساس عن إرادة طائفية وليست شعبية!!
مجلس الشورى ليس معطلا للإرادة الشعبية، كما أعلن كبير الجهابذة خلال دعمه للنائب البرقوق، ولكنه معطل للإرادة الطائفية المقيتة. هو مجلس معين، لا احد ينكر، ولكنه رمانة الميزان وأداة الاستقرار والتوازن للبحرين بما يضمه من أعضاء يعدون صفوة أبناء هذا البلد. وهو الأداة التي تقف حجر عثرة في وجه كل محاولات الاختراق الخارجي واستخدام الداخل لتحقيق مآرب أخرى.
وإننا إذ نؤيد بقاء مجلس الشورى بصلاحياته الحالية، نبارك في الوقت ذاته للنائب البرقوق مقدما على نيل ثقة الجمعية في ترشيحه مرة أخرى. ونتمنى ألا نكتب هنا مرة أخرى عن أي عندليب أو برقوق.