المياه…جرح عربي جديد (1 – 2)

المياه…جرح عربي جديد (1 – 2)

العديد من الكتب والأبحاث والمقالات نشرت عن حروب المياه القادمة في الشرق الأوسط، وكثير من المفكرين دقوا ناقوس الخطر حول حتمية هذه الحروب.
في سنة 1999 جاء في تقرير لمنظمة اليونسكو أن الوطن العربي سوف تجتاحه أزمة مياه حادة بعد حلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مما سوف ينعكس على الإمدادات الغذائية وينعكس سلبا على الإنتاج الصناعي وهذا يعتبره الخبراء أخطر مأزق تاريخي تواجهه الأمة العربية.
وقد نبهت جريدة “غلوبال بوست” الأمريكية إلى أن “حرب المياه” بين دول حوض النيل قد باتت قريبة بعد أن علت الأصوات حول الأزمة المشتعلة بين دولتي المصب “مصر والسودان” من جانب، ودول المنبع من جانب آخر على أثر اتفاق عنتيبي الذي وقعته دول المنبع بشأن إعادة توزيع حصص المياه بين دول الحوض.
وقد بنت الصحيفة الأمريكية تنبؤاتها على تصريحات المسؤولين المصريين القائلة بأن قضية المياه بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي، واستدلت أيضا بمقولة للرئيس الراحل أنور السادات وهي أن المياه هي الشيء الوحيد الذي يمكن لمصر دخول الحرب من أجله.
وتقول “ديان رينز وارد” في كتابها “حروب المياه” إن نحو نصف الأرض الزراعية على الكرة الأرضية التي تقع في أحواض الأنهار يشترك فيها دولتان على الأقل، وإن 80 % من المياه العذبة المتاحة في العالم تتدفق خلال أحواض الأنهار، وأن هناك 261 من الأنهار الكبيرة تصب من دولة إلى أخرى، وأن معظم الدول تتشارك في المياه بشكل سلمي، ولكن في بعض المناطق التي تعاني من عجز مائي كبير، خاصة منطقة الشرق الأوسط وأجزاء من آسيا بدأت التوترات تظهر فيها. فالشرق الأوسط هو موطن لـ5 % من سكان العالم ولا يملك سوى 1 % من المصادر المائية المتجددة.
أما مشكلة العالم العربي تحديدا فهي أن 70 % من موارده المائية تأتيه من خارج أراضيه رغم أنه يمثل 15 % من مساحة العالم، كما أن هناك 19 دولة عربية تعيش تحت خط الفقر المائي.
بيد أن المشكلة الأكبر لدى العرب هي أن الأنهار وموارد المياه لا تترك في حالها. وكما قال ميلسون وايت مان: “لو تركت الأنهار وشأنها لما تقاتلت الشعوب أبدا، ولكن الأنهار لم تعد تترك وشأنها”. فعلى الرغم من أن النهر لا جنسية له حتى وإن حمل اسما مختلفا عندما يمر من دولة إلى أخرى، إلا إن هناك من همس في آذان دول منابع نهر النيل على وجه الخصوص بأن النهر ملك لهم، وجعل الإثيوبيين يقولون: إذا كانت مصر هبة النيل، كما قال المؤرخ هيرودت، فإن النيل هبة من إثيوبيا.
معنى هذا أن العرب قد أصبح لديهم مصدر آخر جديد من مصادر الخطر وهو المياه بعد أن تهدد الأمن القومي العربي لسنوات طويلة بسبب النفط. ولكن أزمة المياه قد تكون أشد خطورة خاصة إذا ما نضب النفط، وهذا أمر يتنبأ به كثير من المحللين. وقد عبر عن ذلك قمران إنان وزير الدولة التركي في عام 1989 عندما قال: إذا نضبت موارد النفط توقفت المحركات، ولكن إذا نضبت موارد المياه توقفت الحياة.
غير أن الخطر الأكبر في أزمة المياه هو وجود جرثومة تسمى إسرائيل في قلب الأمة العربية، فهذه الدولة تسرق كل شيء ابتداء من المياه وانتهاء بوصفات الطعام الفلسطينية. المشكلة أن الدولة الصهيونية لا تريد أن تكتفي بـ 1200 مليون متر مكعب من المياه تسرقها سنويا من سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية، ولكنها تريد أن تسرق النيل أيضا بالتآمر وتحريض دول أفريقية فقيرة واغرائها بالمال لتحقيق مآربها. وللحديث بقية.