المستقلون والانتخابات القادمة

المستقلون والانتخابات القادمة

المرشح المستقل هو ذلك المرشح الذي لا ينتمي إلى حزب أو جمعية سياسية معينة، أو الذي لا يخوض الانتخابات ممثلا لهذا الحزب أو الجمعية أو معتمدا أيديولوجيتها أو برنامجها الانتخابي. وهذه الشريحة من المرشحين تكون في الغالب هي الشريحة الأقل في جميع برلمانات العالم المنتخبة؛ ذلك لأن الأحزاب والجمعيات، بما تمتلكه من مال وكوادر وقدرة على التنظيم والتحرك السياسي تكون هي الأقدر على دعم مرشحيها.
أما المرشح المستقل الذي يخوض الانتخابات وحده، فهو يحتاج إلى الكثير من المال والشهرة والمكانة لكي يقنع الناخبين بأن يصوتوا له رغم الضجيج الانتخابي الخاص بالجمعيات الذي يمنع صوت هذا المرشح المستقل من الوصول إلى آذانهم، بل ويحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، فهو يحتاج إلى الترشح في دائرة تكون بعيدة عن نفوذ الأحزاب والجمعيات صاحبة الشعبية الكبيرة، وإلا فسوف يضيع ماله وجهده دون جدوى، ويحتاج أيضا إلى عدم الاصطدام بالجمعيات السياسية ذات النفوذ وألا يبدأ بالهجوم عليها، وتلك نصيحة نقدمها للشيخ الفاضل صلاح الجودر خلال حديثه الصحافي، وذلك بغية ان لا تتكالب السهام على ذبحه.
وإذا كان الأمر كذلك في بلدان العالم، فإن الأمر في البحرين أشد. فهناك فئتان من المرشحين مهمتها صعبة دوما خلال الانتخابات النيابية، وهما المستقلون والمرأة.
ويرجع السبب في هذه الخصوصية البحرينية إلى أن المرجعية في البحرين ليست مرجعية وطنية بحتة ولا يوجد الأساس الوطني الواحد – مع كل الأسف.
كثير من الناس – ولديهم كل الحق – غير راضين عن أداء الجمعيات السياسية الدينية خلال الدورة البرلمانية المنقضية، ولكن هذا هو قدر البحرين.
نحن نتمنى أن تتسع دائرة المستقلين داخل مجلس النواب ونريد تمثيلا أكبر للمرأة، التي هي الضحية الأبرز للحياة السياسية البحرينية، ولكننا في الوقت ذاته غير متفائلين إلى درجة كبيرة ونتوقع ألا يختلف البرلمان القادم كثيرا عن البرلمان الحالي.
والسبب في ذلك يعرفه الجميع وهو أن هناك غولا كبيرا اسمه الطائفية يقوم بتوزيع الأدوار وحشد الصفوف وإغداق المال والسلاح على محبيه.
ولما كانت الجمعيات الدينية السياسية ورجالاتها هي الأقدر على رص الصفوف وحمل السلاح الطائفي والأقدر على الفعل ورد الفعل الطائفي أكثر من غيرها من المستقلين وغير المستقلين التابعين للتيارات القومية والناصريين والشيوعيين، فلابد لها من الحصول على نصيب الأسد من مقاعد البرلمان.
لا شك أن الأداء السابق للجمعيات الدينية في البرلمان كان معيبا وكان بعيدا عن تطلعات الجماهير، فلم نشهد في ساحة هذا البرلمان سوى معارك طاحنة ترتبط هي الأخرى بخيط رفيع بهذا الغول الطائفي الذي يدير كل الأمور من بعيد، حيث يسيطر على عقولنا وعواطفنا ويجعل الجميع خداما له رغم أنه لا يخدم أحدا وينخر كالسوس في جسد الوطن.
مسألة الأداء السابق للجمعيات الدينية داخل البرلمان الذي استاء منه الكثيرون، لن تؤثر كثيرا على حظوظ هذه الجمعيات خلال الانتخابات البرلمانية القادمة، والحياة السياسية البحرينية لا تصلح ولا تتوازن إلا بحكمة جلالة الملك وبتعيينه لمجلس الشورى الذي لولاه لمنع الكثير من المخلصين من أبناء هذا البلد، من المستقلين ومن النساء، من الوصول إلى البرلمان، ولحرم العمل البرلماني من خبراتهم وعلمهم، لا لشيء سوى أنهم بعيدون عن اللعبة الطائفية المقيتة.