العمالة الأجنبية والخطر القادم

العمالة الأجنبية والخطر القادم

خلال مؤتمر العمل العربي الذي عقد بالبحرين في 6 من مارس تحت رعاية جلالة الملك المفدى، الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية، وشارك فيه عدد من وزراء العمل وممثلي المنظمات الأهلية في الدول العربية الشقيقة، صدرت إشارات إيجابية عدة نتمنى أن تتحول إلى واقع عملي على الأرض.
ففي تصريحاته أمام المؤتمر الصحافي أكد وزير العمل البحريني الدكتور مجيد العلوي نية البحرين تحديد السقف الأعلى للعمالة الأجنبية في البحرين، بعد أن تجاوز عدد الأجانب عدد البحرينيين. وأضاف الوزير أن عدد العمالة الأجنبية في مجلس التعاون الخليجي بشكل عام يبلغ الآن 17 مليون شخص، وأن نسبة العرب ضمن هذا العدد تتراوح فقط بين 15 إلى 20 %.
ما صرح به الوزير البحريني يبين الضرر المزدوج الناتج عن هذا الوجود الأجنبي المخيف في دول مجلس التعاون على وجه الخصوص، فإلى جانب التأثيرات الاجتماعية والأمنية والثقافية الضارة والتأثير الحالي والمتوقع على الهوية الخليجية العربية للمنطقة، ناهيك عن حجم المليارات التي يتم تحويلها إلى دول هذه العمالة، هناك ضرر آخر غير مباشر يقع على الدول العربية الأخرى التي تعاني من تفشي البطالة فيها بنسب مخيفة.
 فقد أشار تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2009 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أن البطالة والفقر من أهم المصادر الرئيسية لانعدام أمن الإنسان في البلدان العربية، وأن هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر، وأن عدد الداخلين إلى أسواق العمل سنوياً أربعة ملايين عربي، وهو ما يزيد من مشاكل التشغيل، وأن معدل البطالة في المنطقة العربية مرتفع جداً مقارنة مع المناطق الأخرى في العالم، وهذا المعدل يعتبر مؤشراً خطيراً يهدد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية، ولا بد من إيجاد حلول مناسبة لهذه الظاهرة، حلول تستند إلى شكل من أشكال التعاون والتكامل بين الاقتصاديات العربية.
وإذا كانت دول الخليج لا تتحمل مسؤولية تدني عدد العرب داخل هذه الملايين من الأجانب التي تعمل بالخليج، حيث المسؤولية كما عبر عنها الدكتور العلوي تقع على عاتق وزراء الاقتصاد والتعليم في الدول العربية بسبب عدم تخريجهم للعمالة المؤهلة التي لا تتناسب مع احتياجات السوق، ولكن تبقى المسؤولية الكبيرة على وزراء العمل الخليجيين في ضرورة التحرك العملي السريع لتلافي الضرر المتوقع الذي سينتج عن بقاء هذا العدد من الأجانب على ما هو عليه.
فمن وجهة نظري المتواضعة أرى أن هذه العمالة الأجنبية بمواصفاتها الحالية هي أخطر ما يواجه دول مجلس التعاون في الوقت الحالي.
لا يجب أن ننتظر مفاجآت المستقبل، فلا أحد يعرف كيف سيكون العالم وكيف ستكون مواقف الدول الكبرى غدا. وماذا يمكن أن يحدث إذا فرض علينا توطين هذا العدد الكبير الذي يضم تجمعات ثقافية ولغوية تتساوى أو تزيد مع أبناء الخليج.
قد ينزعج البعض إذا قلنا إن الخطر في هذه العمالة وليس في التجنيس الذي يعبر بعضنا عن انزعاجه منه ليل نهار. فالتجنيس عملية مقننة نحن نملكها وقمنا بتطبيقها بما تقتضيه مصلحة البلاد خلال فترة من الزمن، ويمكن أن نعدلها أو نوقفها تماما عندما نريد، ولكنّ التوطين أمر مختلف تماما.