الأمن فوق كل شئ

الأمن فوق كل شئ

بدون مبالغة لابد أن يعرف الشيخ على سلمان أن الطريق التي دفع  الشباب إلى السير فيها هي التي جعلت الحل الأمني أولوية وهي التي سدت الطريق أمام الحكومة وحتمت اللجوء لمساعدة الدول الشقيقة وفق الاتفاقات المعروفة بين دول مجلس التعاون الخليجي.
ماذا كان بوسع الحكومة أن تفعل في مواجهة الانفلات الأمني وترويع الآمنين وسعي البعض إلى إشعال نار الفتنة في البلاد؟ ما يقال في تصريحات الشيخ سلمان هو للاستهلاك الإعلاميي فقط وهو خطاب موجه للخارج لتشويه صورة السلطات البحرينية إن هي استخدمت القوة في مواجهة المخربين. هو يتحدث عن سلمية الاحتجاجات ويؤكد حرصه على حقن الدماء،ولكن ما رأيناه على أرض الواقع كان مختلفا وكان لابد من التدخل الأمني،ولهذا صنعت الدول الأجهزة الأمنية.
لقد تصرف الشيخ سلمان ولا يزال بطريقة المنتصرين في الحرب، الذين يفرضون صيغة الصلح بالشكل الذي يريدون، ويضعون شروطا للتفاوض،ولكن الأمر ليس كذلك،فنحن لسنا في حرب مع السلطات الشرعية في البلاد،ولسنا أمام ثورة شعبية ينخرط فيها ويؤيدها كل أبناء البحرين،ولكنها موجة احتجاج شيعية  سعت إلى تحقيق مكاسب خاصة عن طريق خلط الأوراق والاستفادة بالزخم الإقليمي الحالي والثورات الشعبية التي قامت في بعض الدول العربية،على اعتبار أنها فرصة قد لاتتكرر كثيرا.
غير أن محاولة تسمية الأشياء بغير أسمائها لم تدم طويلا ،رغم الدخان الكثيف الذي يملأ الأجواء العربية ويخفي الكثير من المحاولات غير الوطنية التي تحاول الاستفادة من هذا الدخان في تحقيق مآربها.
لو افترضنا أن كل مطالب المحتجين مطالب عادلة ومنطقية،فهل كان الأسلوب الصحيح لتطبيقها هو التعامل مع حكام البلاد بهذه الطريقة التي حدثت؟وهل هناك نظام حكم شرعي كنظام الحكم في البحرين،يقبل أن تملى عليه مطالبات معينة من خلال الشارع ويطلب منه تنفيذها كشرط لترك الشارع وإيقاف العنف؟ما فائدة البرلمان وما فائدة القنوات الشرعية التي ارتضى الجميع العمل في ظلها؟ولماذا دخلت جمعية الوفاق التي يرأسها علي سلمان الانتخابات بقواعد اللعبة السياسية المعروفة في البحرين؟ إن مكونات الحياة السياسية البحرينية وقواعد اللعبة السياسية البحرينية ،بعد الانتخابات، هي نفسها التي كانت موجودة قبل الانتخابات،فلماذا احتكم الشيخ سلمان للشارع وهو الذي ارتضى هو وجمعيته قواعد اللعبة؟
لا إجابة على هذا سوى أنه وجماعته أرادوا ابتزاز الحكومة استفادة من الحالة التي يعيش في ظلها العالم العربي حاليا.
إن أي حكومة  شرعية في العالم تقبل على نفسها أن تنفذ جميع مطالب فئة لا تمثل إلا نفسها،سوف تصبح في نظر الشعب وكأنها  إله من التمر إذا جاع من يعبده أكله!
نحن كبقية العالم نريد مزيدا من الإصلاح ونسعى إليه ولكن لا يجب أن نعطي لأنفسنا شرعية لا نستحقها،وأقصد هنا الشرعية الثورية التي تنال تأييد كل فئات الشعب والتي لا تترك مجالا أمام أولي الأمر سوى الرضوخ لمطالب أصحابها،كما حدث في مصر وتونس،ولكن في البحرين لا يحق لأي مجموعة أن تعطي لنفسها هذه الشرعية والأسباب معروفة للجميع.