إيران في الذكرى الـ29 لمجلس التعاون

إيران في الذكرى الـ29 لمجلس التعاون

في الذكرى الـ29 لقيام مجلس التعاون الخليجي، اجرت جريدة أخبار الخليج حوارا موسعا مع السيد عبدالرحمن العطية، الأمين العام للمجلس، وكان من بين الأسئلة التي وجهتها له حول علاقات إيران بجيرانها في الخليج العربي: “مازال التوجس هو عنوان التعامل الخليجي مع إيران، ما إمكانية تطوير علاقات مبنية على الثقة واحترام السيادة معها؟ وقد جاء رد الأمين العام على هذا السؤال مهذبًا ودبلوماسيًا ومسؤولاً،عندما قال إن دول مجلس التعاون الخليجي تدعو إيران للاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث من خلال المفاوضات أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية، مؤكدا أن حل مشكلة الجزر الثلاث سيسهم دون أدنى شك في تعزيز استقرار المنطقة وتطوير العلاقات مع إيران.
ولكن واقع الحال يؤكد أن إيران في الذكرى التاسعة والعشرين لمجلس التعاون الخليجي قد أصبحت أعلى صوتا وأكثر جرأة وبعدا عن الحياء السياسي في حديثها عن قضية هذه الجزر، فعقب انتهاء الاجتماع الـ 115 لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في جدة، وتأكيد المجلس كعادته دعم الحق الإماراتي في هذه الجزر، جاءت التصريحات الرسمية الإيرانية أكثر سخونة وتحديا عندما وصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الحق الإماراتي في هذه الجزر بأنه مزاعم واهية لا أساس لها من الصحة.
إيران – على الرغم من صراعها المحتدم مع الغرب حول برنامجها النووي – غير حريصة على الإطلاق على مسألة بناء الثقة مع جيرانها العرب، لا في الخليج ولا في غيره، بل إنها أصبحت أكثر عبثا وتحديا في الكثير من الملفات العربية وسط صراعها هذا مع الغرب.
فقبل حلول الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، رأينا كيف حاولت إيران العبث باستقرار المملكة العربية السعودية وجميع دول المجلس بالتبعية من خلال تدخلها في اليمن ودعمها المتعدد الأشكال لجماعة الحوثي هناك ودفعها للتسلل داخل الأراضي السعودية تمهيدا للعبث باستقرارها. كما رأينا كيف عبثت إيران بملف المصالحة الفلسطينية بين “فتح” و”حماس” إلى أقصى درجة وحالت دون التوقيع على ورقة المصالحة المصرية بتحريضها وضغطها على حركة حماس لكي تمنعها من التوقيع.
ولم تكن إيران بعيدة عن محاولات العبث بأمن أكثر من دولة عربية أخرى – بجانب السعودية واليمن – خاصة المغرب ومصر.
وفوق كل هذا رأينا ومازلنا نرى ما تقوم به إيران في العراق منذ سنوات ورأينا التصفية اليومية للعلماء السنة هناك، ورأينا كيف خططت للقضاء على أي وجود عربي هناك.
فلماذا إيران في ظل ما تعيشه من صراع مع الغرب تواصل عبثها بهذه الملفات العربية ولا تسعى إلى كسب ثقة جيرانها؟ أعتقد أنه لا إجابة عن هذا السؤال سوى أن إيران قد وصلت إلى درجة كبيرة من غرور القوة، وأن هذه الملفات العربية، وبخاصة الملف الفلسطيني والعراقي، ليست سوى أوراق تستخدمها إيران خلال صراعها هذا، وأن الغرب، خاصة الولايات المتحدة هو الذي أعطى إيران الفرصة لتفعل ما تشاء. ولهذا سيظل التوجس هو عنوان التعامل الخليجي والعربي مع إيران.