إذا كان هذا هو السلام… فكيف تكون الحرب؟

إذا كان هذا هو السلام… فكيف تكون الحرب؟

علمونا في المدارس أن الصراع بين العرب وإسرائيل هو صراع وجود وليس صراع حدود. وأثبتت الأيام أن الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني هو أسوأ احتلال في التاريخ، لأنه يقوم على سرقة الوطن كاملا وإخلاء أهله منه، وليس مجرد حكم شعب من الشعوب وإخضاعه لمصالح دولة الاحتلال.
إسرائيل أقامت اتفاقيات سلام مع مصر والأردن، ولكنها رغم مرور سنوات طويلة على عقد هذه الاتفاقيات، لم يتأثر بها المصريون أو الأردنيون من قريب أو بعيد، ومن يقول غير ذلك هو مخطئ بدرجة مئة بالمئة،فالمصريون ومعهم العرب ينظرون إلى إسرائيل على أنها العدو الأول، ولن يتغير هذا الموقف مهما عقدت اتفاقيات ومهما حدث من تطبيع.
فالدم المصري والفلسطيني والعربي الذي سال منذ خمسين عاما، يجعل من المستحيل على الشعوب العربية أن تتقبل دولة الكيان الصهيوني مهما تغيرت المواقف الحكومية. قد تتوقف الحروب ويعيش العرب مع الإسرائيليين في سلام، ولكن ذلك لن يبرد قلوب الثكالى أمهات الشهداء في فلسطين ومصر وسوريا والأردن ولبنان.
لا شك أن إسرائيل نفسها تعلم هذا، والدليل على ذلك أن محاولات تجسسها على مصر لم تتوقف بعد عقد اتفاقية السلام المشؤومة، فهي تتجسس على مصر كما تتجسس على لبنان وسورية ولا تفرق بين دولة أقامت معها سلاما وغيرها من الدول.
المسؤول الصهيوني الذي علق على فضيحة التجسس الجديدة التي تم كشفها في مصر، قال بكل بجاحة ان إسرائيل حليف استراتيجي لمصر، وكأنه من حق الحليف الاستراتيجي أن يقوم بعشرات المحاولات للتجسس على حليفه وأن يقوم بنقل الأمراض إلى المصريين وتدمير الزراعة المصرية، وممارسة كل أشكال العدوان والتخريب تحت شعار السلام المسموم.
قبل أيام قليلة قامت أجهزة الأمن المصرية بكشف خلية تجسس جديدة تابعة للموساد الإسرائيلي، تتكون من مصري واثنين من ضباط الموساد. الضباط الصهاينة سعوا إلى تجنيد عملاء من العاملين في مجال الاتصالات في كل من مصر وسوريا ولبنان، وسعوا إلى تجنيد رئيس تحرير صحيفة لبنانية كبرى، بهدف اختراق أنظمة الاتصالات في الدول الثلاث ومعرفة كل ما تنقله وتتلقاه هذه الأنظمة.
واهم من يظن أن السلام مع إسرائيل يمكن أن ينتقل من الحكومات إلى الشعوب، وأن الأوراق التي كتبت وسميت معاهدات ستغير حقيقة الصراع وستقنع الشعوب العربية بأن تتعايش مع عدو يفعل في ظل السلام أحقر مما يفعل في ظل الحرب.
فضيحة التجسس التي كشفت في مصر واستهدفت إلى جانبها سوريا ولبنان سبقتها عشرات فضائح التجسس،ليس في لبنان وحده ولكن في مصر نفسها، والدليل على ذلك قضبة عزام عزام، والمبيدات المسرطنة وقطع الملابس المسرطنة التي أدخلتها إسرائيل مرارا إلى الأراضي المصرية، وقيام إسرائيل من وقت لآخر بإبلاغ وكالة الطاقة الذرية أن مصر تحاول تخصيب اليورانيوم، وقيامها باستعداء العالم على البرنامج النووي المصري من قبل أن يبدأ.
إذا كانت إسرائيل تحارب البرنامج النووي المصري من قبل أن يولد على الأرض فماذا ستفعل بعد أن يدخل في حيز التنفيذ. وإذا كان هذا هو السلام، فما هو تعريف الحرب؟
زبدة القول:
يقول الله تعالى: “كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، ويسعون في الأرض فسادا”.