أميـــركا وإيـــران والقاعدة واليمــن “السعيــــــد”

أميـــركا وإيـــران والقاعدة واليمــن “السعيــــــد”

يبدو أن الرئيس أوباما بعد عام من حكمه، بدأ يفكر في نصيب إدارته من الحرب، خاصة وأن انتخابات الكونجرس كشفت أن صورة إدارته قد تأثرت لدى الرأي العام الأمريكي بفعل الجهود التي بذلها الجمهوريون واللوبي الصهيوني لإقناع الأمريكيين أن إدارة أوباما تفرط في الدفاع عن هيبة أمريكا وأمنها.
وقد أصبح واضحا خلال الأيام الماضية أن اليمن الذي وصفوه في الماضي باليمن السعيد، سيكون نصيب إدارة أوباما من الحرب.
المبرر الأخلاقي لغزو اليمن أصبح موجودا بشكل واضح، والشرعية والتأييد الدولي أصبح جاهزا، وأضيفت إليه الرتوش الأخيرة. فالقاعدة موجودة هناك، ولا يعني أحد لصالح من تعمل القاعدة أو من الذي يحركها، ولكن المهم أنها موجودة هناك ترسل الطرود المفخخة إلى مطارات العالم، وتوفر بذلك أكبر مبرر للرئيس أوباما لكي يقسم للشعب الأمريكي وللعالم بأغلظ الأيمان أنه سيقضي على الإرهاب في اليمن بعد أن تأتي قواته إلى هذه البقعة الإستراتيجية من العالم العربي، وتتحكم في جنوب البحر الأحمر وتحوله إلى بحيرة أمريكية من خلال الوجود الأمريكي في الصومال وفي جنوب السودان أيضا.
إيران أيضا موجودة هناك عن طريق عملائها الذين يهزون أمن اليمن ويحاربون حكومته بدعهما وأسلحتها، وربما تكون لها خطتها المستترة للتعامل مع الوضع القادم، فهي أيضا تسعى للهيمنة على المنطقة، وطالما أن أمريكا قادمة إلى هناك – لا محال –  فلابد أن تعد إيران عملاءها هناك للتعامل مع هذا الوضع الجديد كما فعلت في العراق عندما قام عملاؤها بمساعدة الأمريكيين خدمة لإيران، فهم بمساعدتهم للأمريكيين ضمنوا لأنفسهم أن يكونوا أهل الحل والربط، وهو ما يخدم المصلحة الإيرانية على أكمل وجه، وتولت أمريكا العملية العسكرية الرئيسة، وتفكيك الجيش العراقي وتفكيك الدولة العراقية ذاتها، وتولت إيران إعادة صياغة الدولة العراقية على النحو الذي تريده بعد تنفيذها لعمليات تصفية نوعية لعلماء وضباط سنة وعلماء نوويين ورجال دين لاستكمال المهمة.
يقول الكاتب الإيراني “والي ناصر” في كتابه “نهضة الشيعة” الصادر باللغة الإنجليزية إن إيران قامت في بدايات الغزو الأميركي للعراق بإدخال حوالي نصف مليون إيراني إلى العراق أعدهم جهاز أمنها؛ للقيام بمهام معينة داخل العراق، وتم إعطاؤهم أسماءً عربية لتسهيل تحركهم وإتمام مهامهم.
إيران حتما ستستفيد من هذه الحلقة الجديدة مما تسميه أمريكا الحرب على الإرهاب، وأمريكا ستضع هيمنتها على جزء إستراتيجي مهم من العالم العربي، ولكن الحقيقة المرة التي تعنينا نحن العرب هي أن عروبة اليمن وبقاءه أصبح مهددا، وأن منطقة جديدة سيتم إشعالها في جسد الأمة العربية بعد العراق والسودان والصومال ولبنان، ولا أحد يدري ماذا بعد ذلك، ولا إلى أين ستذهب القاعدة بعد ذلك لترسل الطرود المفخخة أو غيرها ليتوفر مبرر جديد للحرب على “الإرهاب”.