أبراج الاتصالات والخطر المقبل

أبراج الاتصالات والخطر المقبل

قبل فترة ثارت لدينا ضجة كبيرة حول الأخطار الناشئة عن إقامة أبراج الاتصالات بالقرب من الأماكن المأهولة بالسكان أو فوق أسطح المنازل. غالبية الناس أعربوا، ولا يزالون، عن درجة كبيرة من القلق من مخاطر هذه الأبراج. أما أصحاب المصلحة فبذلوا أقصى الجهود من أجل التشكيك في كل ما يقال عن أضرار هذه الأبراج، ونجحوا إلى حد كبير في جعل القضية قضية خلافية غير محسومة من أجل إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، خصوصا وأن الشركات قامت بالفعل بتركيب هذه الأبراج، ناهيك عن أن المتخصصين في مجال الصحة لم تكن إجاباتهم في هذا الموضوع لا “نعم” ولا “لا” ولم تكن قاطعة وواضحة، بل إن هناك من قال إن المسألة مسألة نفسية وإنه لا دليل حتى اللحظة حول وجود ارتباط بين أبراج الاتصالات وبين الأمراض الخطيرة التي يتحدث عنها الناس.
أنا لا أريد أن أبعث هذه الضجة من رقادها، ولكني قرأت عن دراسات حديثة صادرة عن هيئات علمية عربية تؤكد وجود أضرار غاية في الخطورة على صحة البشر بسبب إقامة هذه الأبراج بالقرب من المساكن.
ففي المركز القومي للبحوث بالقاهرة أجرى الدكتور عماد اسكندر أستاذ ورئيس قسم الهرمونات بالمركز بحثا حول الآثار الضارة التي تسببها الأشعة غير المتأينة (الموجات الكهرومغناطيسية) الصادرة عن أبراج الاتصالات على صحة الإنسان، تبين أن الأشعة الصادرة عن هذه الأجهزة تؤدي إلى زيادة حركة الجزيئات داخل الخلية، وهو ما يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم بمعدل درجة واحدة، وأن التعرض التراكمي لأبراج الاتصالات يؤثر على هرمونات المناعة ويؤدي إلى انخفاضها، وأنه كلما كان العمر أصغر كلما كان التأثير الضار أشد، فالرضيع يتأثر أكثر من الطفل والطفل يتأثر أكثر من البالغ وهكذا، وأنه إذا كان ارتفاع البرج أقل من ستة أمتار كلما ازدادت خطورته على صحة الناس.
وبعد 7 سنوات من البحث المتواصل، توصل فريق بحثي برئاسة الدكتورة نوال عبد الحي أستاذ فسيولوجيا الجهاز العصبي بكلية العلوم جامعة القاهرة إلى أن الإشعاع الميكرويفي المستخدم في شبكات الهاتف النقال يولد قدرا من المغناطيسية يؤدي إلى تلف الأنسجة البيولوجية ومنها أنسجة المخ.
هذه الدراسات التي يدعمها العديد من الأبحاث الأخرى في كثير من المؤسسات العلمية على مستوى العالم لا بد أن تضع شركات الاتصالات أمام مسؤوليتها الأخلاقية تجاه المجتمعات التي تعمل بها وإلى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع الضرر الذي يقع على الناس. كما يجب على الحكومات ممثلة في الوزارات المعنية أن تعطي هذا المسألة الاهتمام الكافي، وربما تقتضي المسألة إلزاما بدفع تعويضات ثابتة لوزارات الصحة مساهمة منها في علاج الأمراض الخطيرة التي تكبد الدول خسائر مادية كبيرة.