شهدت البحرين يومي الجمعة والسبت الماضيين الدورة التاسعة من منتدى حوار المنامة، ذلك المنتدى الأمني الدبلوماسي الذي يضم قادة أمنيين وعسكريين ودبلوماسيين ورجال استخبارات من أنحاء العالم خصوصا من الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما من القوى الكبرى في العالم، فهل بوسع هذا الجمع الكبير للشخصيات المهمة في العالم أن يتناول قضايانا الحقيقية بشيء من الانصاف، أم أنه لا جديد تحت الشمس؟
هذا المؤتمر الذي دأب في دوراته السابقة والحالية على تناول القضايا الأمنية المختلفة مثل القرصنة البحرية والإرهاب والقضايا التي تؤثر على استقرار المنطقة بشكل عام، قد أتى هذا العام وسط تغير واضح في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وبين إيران، وهو التغير الذي يزعج أهل الخليج شعوبا وحكومات، فماذا بوسع هذا المنتدى العام أن ينتج من أفكار أو اتفاقات أو أجندات تحقق الطمأنينة للذين يشعرون أن الولايات المتحدة قد باعتهم بثمن بخس وهرولت هي وحليفتها الرئيسة بريطانيا نحو إيران؟
زيارات على أعلى مستوى يتم ترتيبها حاليا من قبل الخارجية البريطانية إلى العاصمة الإيرانية طهران، وأوباما يعبر عن اشتياقه لزيارة طهران، ولم نسمع عن أي شيء يبين أن الخليج العربي له مكان آمن وسط هذه التغيرات الدراماتيكية.
وإيران لم تعط أي إشارة تبين أنها سترفع يدها عن جيرانها وستكف عن أنشطتها المعادية لجيرانها وعن تحريك عملائها الطائفيين الذين يهزون استقرار بلادهم، ولم ترفع يدها عن سوريا التي طالت معاناة شعبها بسبب التدخل الإيراني الداعم لنظام الأسد، ودخول مليشيا حزب الله التابعة لها في حرب ضد الشعب السوري الرافض لنظام بشار الأسد.
فهل يعقد منتدى حوار المنامة لمجرد تبادل التشاور وتبادل الآراء والمعلومات بين الدول الكبرى بما يحقق مصالح هذه القوى دون اعتبار لمخاوف دولنا وشعوبنا في المنطقة وما يضر باستقرارها في الحاضر والمستقبل، أم أن المقصود هو تحقيق استقرار المنطقة التي نعيش فيها؟
إذا كان هناك اعتبار لمصالحنا وتحالفاتنا مع هذه القوى، خصوصا الولايات المتحدة، فلماذا لا يتم وضع تعريف واضح للإرهاب؟ ولماذا لا تقوم هذه الدول بالوقوف ضد الطائفية التي يتم تغذيتها في بلادنا وتقوم بوقف دعمها المادي والأدبي للأنشطة الطائفية وتوفير الغطاء الأخلاقي للخارجين على القانون؟
المواطن الخليجي لا يفهم ولا يريد إلا ما يحقق له الاستقرار والأمن، ولا تعنيه في شيء تلك التعابير الدبلوماسية المعلبة التي تقال في كل مرة حول أمن واستقرار المنطقة ومحاربة الإرهاب والقرصنة وغسيل الأموال، طالما أن المواقف الواضحة للدول الكبرى، خصوصا الولايات المتحدة الأميركية تقول بغير ذلك.