الصحف المصرية قالت إن مصر اليوم في حداد بسبب يوم الأربعاء الدامي الذي سقط فيه سبعون مصريا من مشجعي النادي الأهلي المصري واصيب فيه ما يقارب الألف مشجع، وقال بلاتر رئيس الفيفا أنه يوم أسود في تاريخ الكرة المصرية، وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية، وما أدراك ما صحيفة أحرونوت، أن مشجعي الكرة الذين ساهموا في إسقاط مبارك قد وجدوا لهم هدفا جديدا وهو الرجل الذي خلف مبارك المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
والحقيقة أن ما جرى في استاد بور سعيد يوم الأربعاء الماضي، بسبب مباراة في الدوري الكروي في مصر، هو يوم العار للشرطة المصرية التي خانت العهد وظهرت في أسوأ مظهر في تاريخها، فليست هذه هي الشرطة المصرية وليست هذه بور سعيد.
ليست هذه هي الشرطة المصرية التي ضحى رجالها بأرواحهم في مدينة الاسماعلية دفاعا عن شرف بلدهم في مواجهة قوات بريطانيا العظمى.
وليست هذه هي بور سعيد مدينة النصر والصمود مدرسة الوطنية وأرض الفدائيين التي ضرب أبناؤها أروع الأمثلة في التضحية من أجل الوطن خلال الفترات العصيبة في تاريخ مصر.
مشهد ليس له مثيل في التاريخ.. الشرطة التي مهمتها حماية الشعب وحفظ الأمن تقف متفرجة وعاجزة أمام مجموعة من الزعران والبلطجية وهم يوسعون أبناء وطنهم ضربا وقتلا!!
الموت أشرف كثيرا مما حدث في بور سعيد، ولابد أن يشعر كل ضابط وكل جندي في الشرطة المصرية بالعار بعد هذه الهزيمة التي سترتبط بجيلهم على مر التاريخ.
لن ينسى المصريون ولن ينسى التاريخ هذا الجيل من الضباط المجللين بالعار الذي قصروا في أداء واجبهم وتركوا دماء المصريين تسيل دون نخوة أو مروءة.
ما هو عمل هؤلاء ولماذا يحصلون على رواتبهم إذا كانوا على هذه الدرجة من السلبية والتقاعس؟وما هو دور رؤسائهم الكبار أمام عمل بسيط يتمثل في تأمين مباراة لكرة القدم؟ وإذا كانت الشرطة عاجزة عن تأمين مباراة كروية فكيف يمكنها نشر الأمن في ربوع مصر؟ وكيف سيمكنها تأمين السياحة وحماية أموال المستثمرين؟
إن لم يكن كبار الضباط يدركون أنهم ارتكبوا أكبر خطيئة في تاريخهم المهني و أنهم عرضوا مصر لهزيمة أسوأ من هزيمة 1967، فتلك مصيبة.
الشيء الوحيد الذي يزداد سوءا كل يوم في مصر، بعد عام من ثورة يناير 2011، هو الأمن، ويبدو أن الشرطة المصرية التي يصل عددها إلى عدة أضعاف من عدد الجيش المصري لن تعود إلى سيرتها الأولى من القوة والحسم في عهد النظام السابق، فهؤلاء الضباط الذين تربوا على البطش ومارسوه سنوات طويلة لن يتمكنوا من العمل وفق القانون، ويبدو أن الثورة المصرية قد أحدثت لهم صدمة نفسية لن يشفوا منها، فبعد أن كانوا يتصرفون خارج القانون دون رادع ودون خوف أصبحوا الآن مجرد خدام للقانون.
لا حل إذن سوى سرعة الاحلال والتجديد للشرطة المصرية بما لا يحدث فجوة أو خللا أمنيا في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر.
زبدة القول:
عاشت مصر ثلاثين عاما بلا ديمقراطية، ولكننا لم نخش على مصيرها وبقائها، ولكننا الآن نخاف عليها رغم دخولها عهد الديمقراطية، لأنها أصبحت بلا أمن.