وقفة مع الإنسانية الضائعة

وقفة مع الإنسانية الضائعة

ما أقبح السياسة وما أقبح الإرهاب، وما أكذب الشعارات التي يطلقها المتصارعون على السلطة، ولعنة الله على السياسة والسلطة. طالما أن الأبرياء يسقطون على أيدي الذين يرفعون شعارات براقة ويدعون أنهم يحملون الخير لهذه الأمة.
فباسم الدين يقتل الأبرياء وباسم الخلافة الإسلامية تنتهك الحرمات وتغتال براءة الأطفال الذين لا ذنب لهم ولا جريرة.
لو كان هذا هو الإسلام الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة المكرمة شبرا واحدا،ولكن الاسلام هو دين السماحة والمودة والعطاء والمحبة والبناء، الإسلام بريء من الكذب والنفاق والسعي في خراب الأمم.
حتى المقاتلون أو الفاتحون الأوائل باسم الإسلام كان شعارهم: “لا تقتلوا طفلا أو امرأة ولا تقطعوا شجرة”.
أما رافعوا رايات “الجهاد” في زماننا فيقتلون عشرات الأطفال وينكلون بالنساء من أجل تحقيق دولة الخلافة المزعومة ويضعون العبوات الناسفة في طريق الناس ليقتلوهم ظلما وعدوانا.
هل جاء في كتاب الله أو سنة رسوله أو أي أثر من آثار أهل العلم والحكمة أن يجاهد المسلم بوضع عبوة ناسفة في طريق الناس تقتل وتشوه وتقعد عشرات الأبرياء حتى وإن كان المقصود شخصا غير كل الذين سقطوا؟.
هل من أجل اصطياد شخص يرونه عدوا لهم يقتلون الأبرياء بأي عدد؟ أي دين هذا الذي يرفعون راياته؟ وأية دولة هذه التي سيقيمونها بالدم والتخريب؟.
الكاذبون لا يحق لهم التحدث باسم الدين ولا يحق لهم أن يسعوا إلى إقامة دولة باسم الاسلام، والعملاء الذين تستخدمهم “السي آي إيه” وغيرها وتمدهم بالمال والمعلومات لا مكان لهم في الحكم ولا مكان لهم في أوطانهم التي يخونوها ليلا ونهارا، وإنما مكانهم في مزبلة التاريخ لأنهم خانوا الله والوطن.
طفل صغير أجبره الفقر على العمل ليساعد والده البواب في إحدى البنايات في مدينة القاهرة، خرج لشراء حاجات بعض سكان البناية فتصادف خروجه مع إحدى جرائمهم الخسيسة، عندما حاولوا اغتيال وزير الداخلية المصري بعبوة ناسفة، ولكن الوزير نجا بسيارته المجهزة وبترت ساقا الطفل المسكين الذي لم يقترف ذنبا في حياته ولم يسع والده المسكين إلى سلطة أو وزارة، فياله من مشهد فظيع، ويالها من جريمة لا ينطلق مرتكبوها إلا من الخسة والنذالة.
كم تساوي عند رافعي رايات الكذب والنفاق باسم الإسلام حسرة الأب ودموع الأم على هذا الطفل المسكين؟هل ستقر عين المرشد العام للإخوان المسلمين بعد أن حرم أتباعه هذا الطفل البريء من ساقيه؟.
الإرهابيون لا دين لهم ولا ضمير ولا إحساس ولا شفقة، ولو كانت لهم قلوب كغيرهم من البشر لتخيلوا هذا المشهد قبل صناعتهم له.
الذين يمارسون القتل باسم الدين لا يصنعون سوى شيء واحد وهو طعن الإسلام وتشويهه وخدمة أعدائه، ولا يمكن لمثل هؤلاء أن يقيموا دولة أو يصنعوا استقرارا أو اقتصادا أو عدلا، فلعنة الله على الارهاب وعلى خوارج هذا الزمان.