وزارة التربية وخطة تطوير لغة الضاد

وزارة التربية وخطة تطوير لغة الضاد

كنت قد عبرت عن انزعاجي الشديد لعدم اهتمام الإعلام العربي باليوم العالمي للغة العربية الذي أقرته الأمم المتحدة لأول مرة لتصبح اللغة العربية كغيرها من اللغات التي تعنى بها المنظمة الدولية.
ولكن ما قرأناه عن مشروع ستقوم وزارة التربية والتعليم بتدشينه من أجل تطوير اللغة العربية أعاد إلينا بعض الأمل في وجود مسؤولين يهتمون بوعاء ثقافة هذه الأمة وأساس هويتها.
فمن الطبيعي أن تكون وزارة التربية والتعليم في طليعة الجهات التي تهتم بتطوير اللغة العربية وإعادة هيبتها ومكانتها في نفوس وعقول الأجيال الحالية والسعي الأكيد لوقف التدهور الذي ينال من هذه اللغة العظيمة.
ونتمنى ألا يكون اهتمام الوزارة باللغة العربية ومستقبلها مجرد احتفاء وقتي أو بروتوكولي ارتباطا بوجود مناسبة عالمية حول اللغة العربية، ولكننا نريد أن يكون هناك مشروع دائم للنهوض بها من خلال التشجيع على استخدامها في التحدث والكتابة بكافة الوسائل والحوافز الممكنة.
ويجب أن نتحدث بصراحة، فاللغة العربية لن تتطور بإقامة فعاليات تحتفي بها وتقديم جوائز أو حوافز بسيطة لمن يتفوقون فيها في المدارس أو الجامعات، ولكن لابد من إعادة الاحترام لهذه اللغة والربط بين إجادتها وبين التفوق وتبوأ المناصب المهمة في الداخل والخارج، لأن طغيان الانجليزية الذي تفرضه تكنولوجيا الاتصال الحديثة يقف حاجزا بين الأجيال الحالية وبين الاهتمام بلغتهم الوطنية وبالتالي لا يسعون إلى إجادتها لانتفاء المنفعة المباشرة من وراء ذلك.
من المؤكد أن إعادة الاحترام للغة العربية ليست مهمة وزارة التربية والتعليم وحدها، ولكنها مهمة وزارات وجهات عديدة، فالإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا المجال، ووزارات الثقافة تتحمل أيضا جزءا من المسؤولية في هذا المجال.
ولكن وزارة التربية والتعليم تتحمل الجانب الأكبر في هذه المسؤولية لأنها المسؤولة عن وضع المناهج وما تتطلبه من وسائل الجذب المختلفة وطرق التدريس وإعداد المعلمين الذين يستطيعون جعل اللغة العربية شيئا مرغوبا من الطلاب.
والأمر لا يتصل فقط بوسائل الجذب وترغيب الطلاب في لغتهم الأم، ولكن لابد من ربط هذه اللغة بعملية التفوق الدراسي بشكل أكبر من الموجود حاليا، بمعنى أن تخصص مساحة أكبر لها سواء في المناهج أو في مجموع الدرجات لخلق حافز لدى الطلاب لكي يهتموا بها ويحترموها كما يحترمون اللغات الأجنبية.
ومن الممكن أن ينتقل نفس الأسلوب إلى كافة جهات الدولة لتقوم بوضع إجادة اللغة العربية كشرط لتبوء الوظائف الكبيرة في كافة المجالات لكي تعيد الاعتبار إليها بدلا من توديع الاهتمام بها عقب الانتهاء من الدراسة في المدرسة أو الجامعة واعتبارها جزءا من التاريخ أو ذكريات الماضي.
وعلى كل حال فنحن نحيي وزارة التربية والتعليم على مشروعها الواعد لتطوير اللغة العربية، لأن اهتمامها هذا سيكون البداية الصحيحة على طريق إعادة الاعتبار لهذه اللغة.