وسط كل هؤلاء الكبار، كان لابد أن تستعد قطر بشكل احترافي وعلمي وتبذل جهدا خارقا لكي تحصل على شرف تنظيم المونديال للعام 2022، كان لابد أن تنفق من المال ما يكفي للتفوق على هؤلاء الذين اعتمدوا فقط على مكانتهم التاريخية والجغرافية والدولية والاقتصادية. فالولايات المتحدة أكبر دولة في العالم في كل شيء، واليابان قوة اقتصادية لا يستهان بها، وبالتالي كان لابد لقطر أن تفعل شيئا غير تقليدي لتقهر الجغرافيا والتاريخ، وتنال هذا الشرف الذي سعت إليه.
شرف لقطر ولكل العرب أنها تفوقت على الولايات المتحدة ذات الاقتصاد الكبير وذات القوة العسكرية المهولة وصاحبة القواعد العسكرية والإمكانات الجغرافية الكبيرة. فالولايات المتحدة لم تكن هي وغيرها على هذا القدر من الجدية والعمل الدؤوب والإنفاق الذي قدمته قطر؛ ربما لأنها استكثرت أن تنفق بهذا القدر على حدث لا يحقق لها عائدا دعائيا أو اقتصاديا يوازي ما تنفقه،خاصة وأن هذا المونديال سيعقد بعد ثلاثة عشر عاما، وربما لأنها لا تحتاج شهرة أو انتصارات معنوية ورمزية، والشيء نفسه يقال بالنسبة لليابان ولغيرها من الدول الأوروبية المشاركة.
ولكن الأمر بالنسبة لقطر الشقيقة يختلف تماما، فنجاحها فيما فشل فيه غيرها من الدول العربية،مثل مصر والمغرب، يعد نصرا كبيرا بكل المقاييس، مهما كان حجم النفقات التي تم تخصيصها لهذا الحدث، ولأن الشعب القطري – شأن بقية الشعوب العربية – في حاجة للشعور بالانتصار والتفوق في شيء ما، فإن ما حدث يعد شيئا كبيرا لقطر ولكل العرب.
ولم يكن لقطر أن تفرط في فرصة كهذه لصنع الفرحة لشعبها ولكافة الشعوب العربية، خاصة وأن المجال الكروي يكاد يكون المجال الوحيد الذي يمكن للعرب أن يصنعوا فيه انتصارات من وقت لآخر.
فهنيئا للشعب القطري ولكل الشعوب العربية هذا الفوز القطري الذي لم يأت بالصدفة، ولكن بعد عمل شاق على مدى زمن طويل، وهنيئا للشيخ محمد الذي أشرف على إعداد وإدارة الملف القطري وكل من شاركوا معه في إنجاز هذه المهمة.
قد يقول قائل إن قطر أهدرت من المال أكثر مما ينبغي؛ لكي تأخذ شرف تنظيم المونديال من القوى الكبرى في العالم، وأنفقت الكثير على شركات العلاقات العامة وعلى الفيفا وعلى الأجانب الذي تولوا هذا الملف، ولكننا نقول إن الإنجاز الذي تحقق هو نصر معنوي تحتاجه الأمة العربية ويستحق كل المليارات التي أنفقت عليه.
شيء واحد فقط أثر سلبا على فرحتنا بهذا الإنجاز التاريخي الذي حققته قطر الشقيقة لكافة الشعوب العربية، وهو قيام مسؤول الملف القطري قبل يوم من تقديم الملف للفيفا بالاستعانة بإسرائيل والتعامل معها كراع وصديق للملف القطري، فلم تكن قطر في حاجة لمساعدة الإسرائيليين في تحقيق هذا النجاح، بعد كل هذا الجهد وكل هذا الإنفاق، بالإضافة إلى أن إسرائيل تحت أي ظروف لا تحب أن يكون هناك تفوق عربي في أي شيء حتى وإن كان شيئا كرويا.
وعلى أية حال لا يجب أن نفسد فرحتنا، فقطر رغم كل شيء تستحق هذا الإنجاز الرياضي.