اعتقد ان الوضع في سوريا الشقيقة وصل إلى مدى خطير وان الخرق اتسع على الراقع، فالاحتجاجات ملأت كل المدن السورية تقريبا، وأصبح الوضع قابلا للتفاقم أكثر وأكثر بعد المشاهد البشعة التي بثتها الفضائيات للضحايا الذين سقطوا برصاص أجهزة الأمن السورية، ولا حل لهذه الحالة الخطيرة إلا بقرارات تاريخية للرئيس بشار الأسد.
سوريا كلها مهددة كدولة كبيرة ومهمة في المنطقة العربية ولابد أن يتحمل الرئيس مسؤوليته التاريخية حرصا على هذا البلد العربي الذي نبكي من أجله.
لا ننكر أبدا أن سوريا دولة مستهدفة وأن ما يجري فيها يوافق هوى الكيان الصهيوني وأن المؤامرة شيء وارد بشدة فيما يجري في سوريا على الرغم من أن الاحتجاجات بدأت بسبب أوضاع اجتماعية ثم تطورت الأمور مع زيادة أعداد المتظاهرين وسقوط ضحايا حتى وصلنا إلى الهتاف الذي ردده متظاهرو ميدان التحرير في القاهرة وهو «الشعب يريد إسقاط النظام»، فهل يتحرك الرئيس الأسد هذه المرة ويسبق الأحداث بقرارات إصلاحية تاريخية تؤدي إلى وقف التحريض الخارجي وإطفاء النار التي اشتعلت على المستوى الداخلي؟
إسقاط سوريا في الفوضي وإطلاق غول الطائفية في أرجائها شيء مطلوب للدولة الصهيونية، وتفتيت سوريا هدف لدى دول كثيرة، ولكن من من الجماهير الغاضبة سيقتنع الآن بهكذا أمور؟ ومن الذي يصدق هذا الآن في ظل النار والدخان اللذان يملآن الأجواء السورية؟
سوريا دولة مقاومة ودولة ممانعة، هذا صحيح، ولكنه لم يعد يكفي لكي يعود المتظاهرون السوريون إلى ديارهم، والحلول الأمنية لن تستطيع أن تعيد كل هؤلاء المحتجين إلى منازلهم مهما كان الثمن الذي سيدفعونه، والتصريحات الحنجورية الصاخبة للشيخ حسن نصر الله التي يدعو فيها السوريين إلى الالتفاف حول النظام «الممانع المقاوم» لن تفيد أحدا، بل ان ما قاله أصبح عبئا على النظام السوري نفسه وليته ما خرج على الفضائيات وقال ما قاله، ورأينا المتظاهرين وهم يمزقون صوره ويطأونها بالأقدام، فكيف يستمع الذين خرجوا ضد النظام إلى اكبر حليف للنظام في مثل هذه الظروف العصيبة.
وما يقال عن حسن نصر الله يقال عن المرشد الأعلى الإيراني الذي يتبعه نصر الله وينفذ أوامره، فالشعب السوري لن يستمع إلا للرئيس الأسد إن أراد أن يصنع تاريخا جديدا لنفسه ولسوريا.
هناك دول معروفة تنتظر الفرصة لتعميم النموذج الليبي في سوريا وسيكون المبرر الأخلاقي للتدخل كالعادة هو حماية المدنيين الأبرياء من بطش النظام، ولن يفيدنا الذين سيخرجون على شاشاتنا ويتهمون هذه الدول بالتآمر ويتهمونها بالكيل بمكيالين، أو حتى بمئة مكيال، ويقولون ان هذه الدول لم تتحرك يوما من أجل أبرياء العراق وأبرياء فلسطين.
المسؤولية الآن تقع على عاتق رجل واحد هو الرئيس بشار الأسد، أما باقي المسؤولين الحكوميين والأمنيين ورجال الإعلام الرسمي فعند لحظة معينة سيقفزون من المركب.
حمى الله سوريا الشقيقة من كل سوء.