ماذا يمكن أن يقول العالم عندما يشاهد نائبا برلمانيا يصر على رفع الأذان لصلاة الظهر داخل قاعة البرلمان والجلسة منعقدة، رغم أن المسجد المخصص للصلاة على بعد خطوات من القاعة التي وقف ليؤذن فيها ويبين أنه أكثر تدينا من كل المحيطين به رافضا نداءات رئيس المجلس للتوقف عن الأذان.
وماذا يقول العالم عندما يرى مسلمون يحاصرون مركز الشيخ إبراهيم الثقافي باسم الدين لمحاربة فعاليات ثقافية تجري فيه ويحضرها مثقفون وشخصيات مهمة وسفراء وممثلو دول؟
أي صورة يمكن أن ترسم للإسلام والمسلمين عندما يقوم هؤلاء باعتراض فتاة أتت لهذا المركز لحضور أمسية أو محاضرة أو ندوة، والإساءة إليها قولا وفعلا؟
من الذي أفتى بهذا وحرك هؤلاء الشباب ليقوموا بما قاموا به من سلوك مشين يمكن أن يشوه صورة المسلمين ويشوه صورة البحرين في أعين المقيمين وغير المقيمين؟
من حق العالم أن يتهمنا بالتفاهة والعيش خارج التاريخ وخارج التطور، رغم أن الإسلام لم يأمر أحدا بهذا!أي بطولة وأي جهاد هذا الذي ينطوي على سب أنثى وطعنها في أخلاقها لمجرد رغبتها في حضور محاضرة أو أمسية؟
هل انتهت كل مشاكل الأمة وتحقق لنا الاطمئنان والأمان الاقتصادي والاجتماعي ولم يبق سوى ربيع الثقافة؟
هل ربيع الثقافة بات يهدد مستقبلنا وبقاءنا ووحدة بلادنا أكثر من كل ما يحيط بنا من مؤامرات وترتيبات؟
لا تغضبوا منا أيها السادة إذا نحن أضفناكم إلى قائمة أصحاب الفتاوى العجيبة التي تصيب من يسمعها بالصدمة، فالأمة تغرق في همومها وفي مشاكلها الاقتصادية وفي صراعها من أجل البقاء على الخريطة، وهم يبحثون عن معركة تضعهم على الشاشات وتقربهم من البسطاء الذين اختاروهم!
إن معركتكم التي تحاربونها الآن لا تزيد كثيرا عن معركة البنطلون ومعركة البطة ومعركة إرضاع الكبير ومعركة الأذان داخل البرلمان.
معركة البنطلون حدثت في السودان عندما تصدى المتدينون لفتاة كانت ترتدي البنطلون وتهدد عفة البلاد وطهارة العباد، وطارت أخبار هذه المعركة إلى كل أنحاء العالم، عندما كانت السودان على أعتاب التقسيم.
اما احداث البطة والأذان وإرضاع الكبير فقد وقعت في جمهورية مصر العربية، في وقت كانت مصر تعاني فيه من أزمات اقتصادية طاحنة، وأتينا على تفصيل واحدة منها في بداية الكلام.
وللتذكرة بفتوى البطة، فقد أطلق أحد المشايخ فتوى تحرم “تزغيط البط” بلغة المصريين وتعني إطعام البط رغم أنفه من أجل تسمينه، فأحدثت هذه الفتوى دويا هائلا كانت البلاد خلاله على وشك الانفجار من شدة الأزمات.
أما إرضاع الكبير، فقد حدثت نتيجة فتوى لشيخ آخر قال إنه يحل للمرأة أن ترضع زميلها في العمل من ثدييها حتى تصير محرمة عليه وبالتالي تجلس معه أوقاتا طويلة في العمل دون حرمة، ونال صاحب الفتوى نصيبه من التهكم والشهرة.
لسنا ضد الدين ولا ضد المتدينين ولكننا ضد توظيف الدين لخدمة أهداف معينة، مما يؤدي للإساءة للمتدينين وللإسلام نفسه لدى بقية العالم.
أين فقه الأولويات يا حضرات المشايخ؟ هل أصبح كل شيء متوافقا مع الدين ما عدا ربيع الثقافة؟