قبل أيام تداولت أجهزة الإعلام أعجب فتوى صدرت عن احد مشايخ الاسلام في المغرب وثار جدل إعلامي كبير بشأنها في مصر، وهي الفتوى التي باتت تعرف بفتوى “مضاجعة الوداع”، التي يقصد بها قيام الزوج بممارسة الجنس مع زوجته الميتة قبل مضي ست ساعات على موتها، وكذلك قيام الزوجة بنفس الفعل مع الزوج الميت.
وتفضل الشيخ المغربي بالفتوى بجواز هذا الأمر على اعتبار أن الزواج علاقة لا تنتهي بالموت ولكنها تظل قائمة وبالتالي – كما تفضل الشيخ – فلكل زوج الحق في ممارسة الجنس مع الآخر خلال ست ساعات من وقوع الموت.
قد يتعلل الشيخ الذي أطلق هذه الفتوى وهو صاحب منصب ديني كبير في المغرب، بأن السؤال فرض عليه، وأنه لابد أن يجيب عليه لأنه لا يمكن أن ينكر علما، ولكن بماذا يتعلل صاحب السؤال نفسه، فهل تفتق ذهنه عن هذا السؤال على سبيل التعلم والمعرفة الدينية أم أنه سأله نتيجة لضرورة حياتية، أو لتبرير فعل قام به ويريد أن يطمئن حول حرمة هذا الفعل من عدمها!
إذا كان المبرر الأول هو الصحيح، فهذه كارثة بلا شك، فهل تعلم صاحب السؤال كل ما جاء في الفقه الاسلامي ما عدا مضاجعة الزوج لزوجته الميتة أو مضاجعة الزوجة لزوجها الميت؟ هل حفظ هذا الشخص فقه الميراث وفقه العبادات وفقه الأولويات عن ظهر قلب، ولم يبق له سوى سفاسف الأمور؟
أما إذا كان المبرر الثاني هو سبب السؤال، فقد كان ينبغي على الشيخ الذي أجابه أن يحوله إلى مستشفى الأمراض العقلية، لأن الذي يمارس هذا الفعل مع الميت أو الميتة هو إنسان مجنون ولابد أن يتم إيداعه في إحدى المصحات حتى لا يشكل خطرا على نفسه وعلى المجتمع.
لماذا لا تصدر هذه الأسئلة سوى عنا نحن العرب ولا تصدر عن غيرنا من الشعوب، ولماذا لا نسأل أسئلة تقودنا إلى التقدم العلمي والتكنولوجي؟ ولماذا لا يغلق مشايخنا الباب في وجه المتنطعين الذين يجعلون العالم ينظر إلينا باستخفاف ويصفنا بالتخلف؟
هل حلت كل مشاكل الأمة ونجحت ثوراتها واستقرت وحققت النمو الاقتصادي المطلوب؟ وهل حلت مشاكل الأمية الهجائية والسياسية للأمة العربية ولم يبق من مشكلات سوى إثبات أحقية الزوج في مضاجعة زوجته التي ماتت؟
إنه زمن عجيب في كل شيء، لقد أصبحنا نحن الذين نعطي الدروس للمشايخ والوعاظ وليس العكس، ولكن السبب يكمن في رجال الدين أنفسهم، فهم الذين يفرطون في قداستهم ومكانتهم لدى الناس عندما ينخرطون في أمور لا تليق بهم ويخلطون بين الفتوى الدينية وبين آرائهم السياسية، كالمشايخ الذين يحرضون على الأمن والنظام، مثل الذي احل دماء رجال الشرطة في البحرين والذي وصف المجلس العسكري في مصر بأنهم ككفار مكة، والشيخ الذي حرم الانتخابات في الجزائر وحكم عليه بالسجن لمدة عامين، والشيخ الذي أطلق فتوى مضاجعة الوداع.
والله يجعل كلامنا خفيفا عليهم!!