ثلاث نسوة يفزن في الانتخابات النيابية البحرينية هو بلا شك إنجاز لم يسبق له مثيل في تاريخ المرأة الخليجية، إذا ما استثنينا الانجاز الذي حققته المرأة الكويتية خلال الانتخابات البرلمانية الكويتية.
صحيح أن البحرين مرت بظروف استثنائية خلال الفترة الماضية وأن المعادلة السياسية فيها تعرضت لتغيرات كبيرة، وصحيح أن مصائب قوم عند قوم فوائد بالنسبة للمرأة البحرينية، وأن هذه الظروف بلا شك ساعدت المرأة في تحقيق هذا الانجاز إلا أن هذا لا يعني أبدا أن المرأة البحرينية غير قادرة على ممارسة العمل البرلماني بنفس الدرجة التي يمارسه بها الرجل.
المرأة لديها القدرة على الأداء البرلماني الناجح، ولكن هذه القدرة، مع الأسف، ليست هي الفيصل لدى الناخب، فالثقافة الذكورية التي تنحاز للرجل في كل الأمور هي التي تؤثر سلبا على فرص المرأة الخليجية في الفوز بأي منصب يعتمد على الانتخاب، تلك الثقافة التي تعمقت بفعل الجماعات الدينية التي دخلت العمل السياسي وحاربت المرأة في الخفاء، رغم أنها في العلن تؤيد ممارسة المرأة للعمل السياسي.
وعلى أية حال فإن وجود أربع نساء في البرلمان البحريني يضع المرأة البحرينية أمام تحد كبير جدا، فإما أن تثبت للمجتمع البحريني وللناخب البحريني الجريح أنها قادرة على تمثيله وتلمس احتياجاته وتلبيتها بعيدا عن الضجيج والمزايدات السياسية التي عاشها الناس على مدى ست سنوات، وإما أن تقول لمن يحاربون تقدم المرأة في كل المجالات أنهم كانوا على حق.
النائبات الأربع الموجودات بالبرلمان حاليا يمكنهن تغيير ثقافة الأجيال الحالية من الشباب تجاه المرأة وقدراتها التي لا تقل عن قدرات الرجل في كافة المجالات، ولكن كيف هذا؟
لن يتحقق هذا إلا بتواجد المرأة المستمر بين أبناء دائرتها وبتبني قضاياهم والسعي الدءوب لتلبية مطالبهم، ليس فقط بالتحدث في جلسات البرلمان، ولكن بالتحرك ومقابلة الوزراء في مكاتبهم من أجل تحقيق مطالب أبناء الدائرة، فالخطب البرلمانية النارية التي عانى منها الناس لسنوات لم تحقق شيأ سوى زيادة درجة الحرارة الطائفية في البحرين وزيادة حالة الاصطفاف التي دفعت بالبلاد إلى حافة الهاوية.
والحكومة يمكنها أيضا أن تساعد هؤلاء النائبات في تحقيق مستوى معين من النجاح بتلبية كل ما هو في الإمكان في مدى زمني يجعل الناس تشعر بوجود شيء جديد في البرلمان البحريني.
وبكل صراحة، وبكل حب، وبكل انتماء لمملكة البحرين، نهمس في آذان النائبات البحرينيات بأن يحققن شيئا ملموسا في الدوائر الفقيرة التي تحتاج إلى المزيد في مجالات البنية الأساسية وأن يقدمن شيئا يشعر به الناس في مجال الإسكان على وجه الخصوص، لأن مشكلة الإسكان هي أخطر ما يواجه المواطن البحريني الفقير، وهي من أكثر القضايا التي استخدمت من قبل المزايدين في تهييج المجتمع البحريني.
وفي النهاية فإن النائب الجيد هو الذي يقنع الحكومة بأن تتخذ خطوات معينة في مجالات معينة، وليس الذي يستخدم مشكلات الناس في تهييج الناس دون أن يقدم لهم حلولا.