منذ زمن طويل والإعلام الأميركي يقول ما يريد، ويصنع ما يريد من أحداث، ويبرر حروبا ويجعلها مقدسة، ويحرم أخرى، ويؤثر على سير أحداث أخرى، ويصنع نجوما في عالم السينما والإعلام والسياسة، ويغتال نجوما آخرين أو يوقف تقدم بعض من يستحق النجومية، ليس على مستوى الولايات المتحدة وحدها ولكن على مستوى العالم.
عند كل حادثة كبيرة تجد الجميع ينتظر ما الذي ستقوله “السي إن إن” لكي يعرفوا ماذا بعد، وعلى من ستدور الدوائر!
آلة جهنمية تدير العالم وفق ما تريد، بل وفق ما تراه محققا لمصلحة أميركا وتروج في نفس الوقت الأكاذيب حول حياد الإعلام الأميركي! ولكن فجأة وجدنا هذه الآلة الإعلامية الخطيرة تتعطل وتسقط سقوطا مدويا وتعجز عن تنفيذ ما تريده ليس في دولة صغيرة بعيدة، ولكنها عجزت عن ذلك في أميركا نفسها.
وسائل الإعلام الأميركية الكبيرة فعلت كل ما في وسعها من أجل أن تحول دون وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في أميركا، استعانت بكل النجوم وكل أصحاب التأثير الذين يقودون الناس إلى شراء كل السلع التي يريدون بيعها، وإلى اتخاذ المواقف التي يريدونها، واستعانت بكل النساء اللاتي تحرش بهن، واستعانت بتسجيلات للرجل وهو منغمس في حديث الجنس والمجون لكي تمنع الناس من التصويت له.
كبريات الصحف الأميركية اعتقدت لشدة الحملات التي شنتها أن ترامب خسر بالفعل كما أرادت واستبقت الأحداث ووضعت صور هيلاري كلينتون على أغلفتها أو صفحاتها الأولى، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي سفن الإعلام وسفن النخبة الأميركية.
الذي يؤكد خيبة الإعلام الأميركي أنه فشل في تشويه رجل مشوه أصلا ولا يحتاج إلى تشويه، ولا إلى حملات التلطيخ التي أظهرته على أنه رجل منفلت في أقواله وأفعاله وزير نساء من الطراز الأول.
ونجح ترامب على غير رغبة من الإعلام الأميركي الذي ظن أنه قادر على كل شيء، بعد أن وعد الفقراء ووعد المتعصبين دينيا وعرقيا بأن أميركا ستكون لهم وحدهم، وهزم الإعلام الأميركي الذي كان مرجعا للعالم كله في إعداد وتنفيذ الحملات الانتخابية منذ سنوات طويلة.