يبدو أن ما جرى لجماعة الإخوان المسلمين في مصر قد أصاب قائد قوات البسيج الإيرانية بحالة من الصدمة الشديدة أدت إلى حالة من الهذيان، فراح يردد أن بلاده ستقوم بعمل وحدات لقوات “البسيج” في مصر والأردن، ناسيا أن الشعب المصري قد كتب بالفعل وثيقة وفاة الذين كانوا سيقومون بإنشاء هذه الوحدات البسيجية في مصر، وأن الشعب التونسي أيضا في طريقه لإصدار هذه الشهادة.
ملايين المصريين الرافضين للإرهاب وللطائفية المقيتة قاموا بزحفهم المقدس يومي الرابع عشر والخامس عشر من يناير الجاري وأصدروا الدستور الذي يرفض الطائفية ويرفض الإرهاب ويكتب بوضوح وثيقة استرداد مصر إلى أهلها الحقيقيين ويرفض كل الطائفيين وكل الشعوبيين الذين قالوا إن مصر في طريق اللاعودة.
نعرف أن إيران كانت اتفقت مع جماعة الرئيس المصري المطرود على إنشاء وحدات “للبسيج” في مصر سعيا لسحب البساط من تحت أرجل الجيش المصري العظيم، جنبا إلى جنب مع محاولات جادة لإحداث تغييرات تدريجية في بنية هذا الجيش للوصول في النهاية إلى محو هذه المؤسسة العسكرية الوطنية واستبدالها بمؤسسة أخرى لا علاقة لها لا بالوطنية المصرية ولا بالقومية العربية، بتأييد وتمويل من دول كبرى ومن دول إقليمية، بل ومن دول صغيرة لا ندري لصالح من تعمل في الخفاء.
ولكن الشعب المصري – بوقوف الدول العربية ذات المكانة والاحترام إلى جواره – قضى على أحلام الفرس والروم ومن يسير في ركابهما.
لقد تجلت عظمة ومكانة السعودية والكويت والبحرين والإمارات وأدركوا خطورة اللحظة ووقفوا إلى جانب المصريين في عبورهم نحو المستقبل كما وقفوا إلى جوارهم في عبورهم في العام 1973 فكان الفرق وكان النجاح.
وبعد الرابع عشر والخامس عشر من يناير يجب أن يدخل الشعوبيون إلى جحورهم، فلا مجال لأحلامهم المريضة ولا مجال لمليشيات البسيج ومليشيات الإرهاب التي حلموا بها كثيرا وبدأوا بالفعل في تدشينها بعد الثورات العربية التي انطلقت في تونس وفي مصر وفي غيرهما.
الذين كانوا سيدشنون لكم البسيج في مصر قد لفظهم الشعب، ولن تكون لهم عودة مهما أنفقت المليارات ومهما اتفقتم مع الغرب، ورفاقهم الموجودون في الأردن لن يستطيعوا أن يقيموا لكم “البسيج” هناك، فقد فطنت الشعوب العربية إلى حجم الخازوق الذي كان سيدق تحتها، ولن يكون هناك بسيج لا في الأردن ولا في مصر ولا في تونس؛ لأنه ببساطة ما لا يقام في مصر لا يقام في غيرها، وما لا تؤيده السعودية لن يتحقق له النجاح.
فكفى هذيانا وكفى أحلاما مريضة يا قائد “البسيج” الإيراني، فقد تغيرت الأحوال وتأجل مخطط إعادة تقسيم الأمة العربية إلى أجل غير مسمى.