الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تحول الدجاجة إلى بطة وتجعل البقرة تلد حصانا والفرس يلد عجلا، ليس عن طريق العلم الحديث والهندسة الوراثية، ولكن عن طريق القوة والقهر،وهي الدولة الوحيدة التي تجعل من العطسة شيئا رهيبا يهدد الأمن والسلم العالمي وتجعل من المذبحة شيئا بسيطا يدخل ضمن الحق في الدفاع عن النفس.
بعد أن وصل عدد شهداء غزة إلى 606، بينهم 160 طفلا و77 امرأة، وبعد أن انضمت الشجاعية إلى قائمة المذابح التاريخية، مثل دير ياسين وصابرا وشاتيلا وجنين، وبعد أن قامت إسرائيل بهدم 3200 منزل فوق رؤوس النساء والكهول والأطفال، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن بلاده تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها!
أي دفاع عن النفس هذا يا سيد كيري؟ ألم تهتز مشاعركم لمقتل هذا العدد الكبير من الأطفال أو مقتل سيدة حامل أو سيدة مسنة تحت وابل القذائف الذي لا يتوقف؟
كيف تحولون الجلاد إلى ضحية ثم تقولون إنكم رعاة حقوق الإنسان ورعاة الحرية في العالم؟ ألا ينتمي هؤلاء الأبرياء الذين سقطوا إلى بني الإنسان يا سيد كيري، أم انكم كإسرائيل، تعتبرونهم حشرات وحيوانات وأن قتلهم حلال!
لقد حاكمتم رجلا في بلادكم لأنه قطع بطيخة بطريقة عدوانية أثارت الخوف في نفس زوجته ولم تقبلوا أن تتعرض امرأة أميركية لتهديد غير مباشر من زوجها، رغم أنه في كل الأحوال يمكنها الفرار وترك البيت،فكيف ترون مشاهد تقطيع أجساد نساء وأطفال فلسطين الذين لا يستطيعون الفرار من الموت إلا إلى الموت!
لو كانت أعينكم ترى الحقيقة وتسمون الأشياء بأسمائها لقلتم إن “الشجاعية” هي “غورنيكا”، أو هي الهولوكوست أو هي الدليل القاطع على نذالة العالم وخسته، ولكنكم تسمون كل شيء على هواكم وتحولون الأسود المفترسة إلى قطط وديعة وتسمون الخراب وسفك الدماء دفاعا عن النفس.
هذه هي أميركا ولن تتغير، أميركا التي تنحاز لإسرائيل على الدوام ولا تحترم للعرب والمسلمين أية حقوق،ولذلك فالشعوب العربية لا تثق في كل ما هو أميركي، وإن يوما رأت موقفا أميركيا به قدر من الإنسانية لا تصدق نفسها وترجح أن في الأمر مؤامرة.
هذه هي أميركا التي سيفرح العرب يوم أن يجري عليها ما جرى على الامبراطوريات التي سبقتها على مر التاريخ.