هل قرأتم عن الذي حدث في البرلمان الكويتي قبل أيام قليلة؟ البرلمان الكويتي تحول إلى حلبة ملاكمة،أعضاء محترمون قاموا بضرب بعضهم البعض بالأيدي داخل مقر البرلمان المخصص لمناقشة مصالح الناس وقضايا الأمة! هل هذا شيء معقول؟ إننا نحزن كعرب عندما يرسم لنا العالم صورا لا تعجبنا، وننسى أننا نشارك في رسم أنفسنا ولو بدون قصد.
السادة النواب الذين اختارهم الشعب كانوا يناقشون قضية المعتقلين الكويتيين في معسكر غوانتانمو، فهل هذه قضية يجب ان يصفعوا بعضهم البعض من أجلها؟ ربما يكون الخلاف واردا عند مناقشة كثير من القضايا،ولكن الصفع واللكم غير وارد على الإطلاق بين الذي اختارهم الشعب ليمثلوه، لأنه من المفترض أن الشعب اختار النخبة أصحاب الثقافة والفكر القادرين على التحدث بلسانه ولم يختر أبطالا في الملاكمة.
وبدون إطالة، فالسبب هو الطائفية المقيتة التي أصبحت تجري في عروقنا وتحركنا وتلون أفكارنا وكلامنا أكثر من أي شيء آخر، فالطائفية جعلت السادة النواب ينسون أنهم جميعا، يمثلون الشعب الكويتي كله ولا يمثلون الطوائف والفرجان التي أتوا منها، فاختلفوا، ثم احتدوا، ثم تلاكموا!! يا للهول!!
المعتقلون الموجودون في سجن غوانتانمو مواطنون كويتيون، سواء أخطأوا أم أصابوا، ولا يجب أن يتلاكم النواب بشأنهم أمام وسائل الإعلام وامام المحامين الأمريكيين الذين يتولون الدفاع عنهم.
أليس لدينا الكثير من القضايا التي نختلف بشأنها التي تكفي لنفرغ فيها الطائفية التي تسكننا حتى النخاع لكي نظهر بهذه الصورة المقيتة امام العالم؟
لقد أصبحت الطائفية في بلادنا شأنا مخيفا، فلم تعد خلافا أو اختلافا، ولكنها أصبحت بركانا يغلي في الصدور ويجعل الطائفيين دائما في وضع استعداد للانقضاض على غيرهم وعلى الوطن الذي يسكنون فيه ولا يسكن فيهم.
الذي يريد أن يتأكد من هذه الحالة المزرية عليه أن يقرأ خبر هذه المعركة البرلمانية – التي لا تحدث في أي مكان سوى في بلادنا – يقرأه على شبكة الإنترنت لكي يرى التعليقات التي كتبت أدنى هذا الخبر من قبل الشباب الذين سقوا الطائفية وغذوا عليها من قبل أن يعرفوا القراءة والكتابة.
سيل من التعليقات والسباب المتبادل كتب على هذا الخبر المؤسف وهو ما يؤكد أن الحالة الطائفية اصبحت حاكمة لتصرفات غالبية الشباب لدرجة أنهم يطوعون كل قضية وكل حادثة وكل خبر لخدمة هذا الغول المخيف.
ليس في هذا أدنى مبالغة، فقد تحول خبر الحمار العراقي – الذي اصبح حمارا أميركيا بفضل جهود رجال المارينز وبفضل رعاية قائد أميركي أصابته نوبة من الإنسانية – تحول إلى معركة طائفية على الانترنت بين شباب من السنة والشيعة، وكان سبب هذه المعركة العجيبة يتعلق بالمحافظة العراقية التي ولد فيها هذا الحمار وترعرع ودلالة ذلك من الناحية الطائفية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.